«قرقيعان وقرقيعان.. بين قصير ورمضان.. عادت عليكم صيام.. كل سنة وكل عام» هكذا تناقلت شوارع وأحياء محافظة الأحساء أهازيج القرقيعان الشعبية، فيردد الأطفال عباراتها الشهيرة المتعارف عليها عند أبناء الأحساء، واحتفل أهالي الأحساء بهذه المناسبة التراثية المعروفة بالقرقيعان، ابتهاجاً بصوم النصف الأول من الشهر الكريم، إلا أنه يعتبر أياماً جاذبة للأطفال، فارتبط اسمه في أذهانهم بالفرح والبهجة، واعتادوا خلال هذه الليلة الاحتفال بها بطريقة تخلد ذكراها عاماً بعد آخر، خصوصاً لدى أهالي القرى الذين لا يزالون يحتفظون بمزايا ليلة القرقيعان الأصيلة، بعيداً عن التطوير والحداثة التي امتدت إليها، وأفقدتها هويتها التراثية، ورفعت قيمة محتوياتها، حيث قام أهالي الأحساء بتوزيع الحلويات و المكسرات وتوزيع المشموم برائحته الزكية.
ويعد الاحتفال بقرقيعان في ليالي الـ14 والـ15 والـ16 من الشهر، وهي من أبرز الطقوس الرمضانية المستمدة من العادات التقليدية، التي مازال أهالي الأحساء يحرصون على ممارستها، وفيه يرتدي الأطفال الملابس التقليدية، ويأتي بوطبيلة ويتجول على أحياء الاحساء، وخاصة القديمة منها، قاصدين البيوت التي يكافئهم أصحابها بتقديم الحلوى والمكسرات، مرددين أثناء تجوالهم «قرقيعان وقرقيعان.. بين قصير ورمضان.. عادت عليكم صيام.. كل سنة وكل عام.. سلم ولدهم يالله.. خله لأمه.. عسى البقعة لا تخمه ولا توازي على أمه.. عطونا الله يعطيكم بيت مكة يوديكم.. يا مكة يا معمورة يا أم السلاسل والذهب يا نورة»، بينما يمتد نشاط الأولاد إلى خارج الحي ويتنقلون بين الأحياء الأخرى، مرددين أنشودة صغيرة هي «سلم ولدهم يالله خله لامه.. يالله» في حين يقرع "أبو طبيلة" بأصواته المرتفعة، معلنا للأهالي وجوب دخول وقت السحور في عدد من قرى وهجر محافظة الأحساء، والتي ما زال أبو طبيلة يمارس مهنته بين ممرات بيوتها الشعبية في قرع الطبل أثناء دخول وقت السحر، لأجل الإمساك مرددا (اقعد اقعد يانايم.. اذكر ربك الدايم)، وبهذه العبارة وغيرها العديد من الأشعار الأخرى معلنا للأهالي ومنبههم على دخول وقت السحور.
ويعطر أبو طبيلة السكك القديمة المليئة بالبيوت بطعم الزمن القديم الجميل.. يحمل "طبلته" بطواقة خشب وحبل حلقتين رافعاً إياه باليد اليسرى فيما تهتم اليد اليمنى بحمل العصا.