أوضح الدكتور سمير غطاس رئيس منتدى الشرق للدراسات السياسية والإستراتيجية أن العلاقات بين مصر والمملكة العربية السعودية تتسم بأسس وروابط قوية نظراً للمكانة والقدرات الكبيرة التي يتمتع بها البلدان على الأصعدة العربية والإسلامية والدولية. مشيرا إلى أن مصر لها الحق في مطاردة العناصر الإرهابية خلف حدودها، فقواعد الأمن القومي تقول إن الأمن القومي المصري لا يتم الحفاظ عليه داخل الحدود المصرية فقط ولكن خارجها أيضا، ولا يجب أن تتوانى مصر في اتخاذ ما يضمن أمن مواطنيها.
مبينا أن الحل الأمني ليس وحده الذي سيستأصل الإرهاب فهذا يتطلب تعاونا بين الشعب وبين الشرطة ويتطلب مواجهة فكرية وعقائدية في الأفكار التى يستند اليها الإرهابيون وتفعيل أدوار الأحزاب والأزهر الشريف لأن لهم دوراً كبيراً في المواجهة الفكرية. وفى إطار هذا الموضوع كان لنا الحوار التالي:
فى البداية حدثنا عن مدى العلاقات الثنائية بين مصر والسعودية.
- تتسم العلاقات بين مصر والمملكة العربية السعودية بأسس وروابط قوية نظراً للمكانة والقدرات الكبيرة التي يتمتع بها البلدان على الأصعدة العربية والإسلامية والدولية. وتؤكد الخبرة التاريخية ان لقاء مصر والمملكة على إستراتيجية واحدة ممثلة في التنسيق الشامل يمكن أن يحقق الكثير للأهداف والمصالح العربية العليا.
وفي أعقاب ثورتي 25 يناير للعام 2011م و30 يونيو للعام 2013م قدمت السعودية دعمها السياسي والدبلوماسي والمالي لمواجهة المواقف المناوئة للثورة وحظرها أنشطة الجماعات الإرهابية ومساندة الاقتصاد المصري بعد الثورة.
وتشهد العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين تفاعلًا ونموًا مستمرًا فقد احتلت الاستثمارات السعودية المرتبة الأولى بين الدول العربية المستثمرة في مصر.
ما توقعاتك للذكرى الاولى لفض تجمع رابعة الارهابي يوم 14 أغسطس المقبل؟
- في ذكرى فض رابعة لن يحدث سوى مظاهرات رمزية ومحدودة. ولم يعد للإخوان أي قدرة على الحشد إلى جانب ان العمل الإرهابي يتراجع وليس متقدما وهم الآن يتجمعون فقط بالعشرات والمئات في مناطق معينة مثل المطرية وعين شمس وحلوان وعادة ما يفرون في مواجهة الشرطة والمواطنين، وقد سبق لها أن أطلقت عدة تهديدات بالزحف على ميدان التحرير وميادين وشوارع مصر وفشلت في كل مرة نحن نشهد انحسارا شديدا في قدرة الإخوان على الحشد لذا تلجأ جماعة الإخوان إلى التخريب الاقتصادي وتدمير أبراج الكهرباء وهي محاولات يائسة من التنظيم الدولي لضرب الاستقرار.
هل بيت المقدس صناعة إخوانية؟
- هناك اعترافات من محمد الظواهري شقيق أيمن الظواهري بأنه تلقى تمويلاً من خيرت الشاطر في الصرف على الجماعات الإرهابية في سيناء خاصة من أنصار بيت المقدس. من جهة أخرى كان المعزول قد كلف صفوت حجازي بأن يكون على صلة منتظمة به والجماعات في سيناء حتى تكون جاهزة للعمل إذا ما ثار الشعب المصري ضده وضد جماعته.
حدثنا عن علاقة الإخوان ببريطانيا وامريكا؟
- قد أنشأت الجماعة علاقات قوية للغاية مع بريطانيا وقت الاحتلال البريطاني في مصر ولكن ما لم يعرفه ويكشف النقاب عنه بقوة هو بداية علاقاتها التاريخية منذ إنشائها بالولايات المتحدة الأمريكية وهذه العلاقة الوطيدة ليست وليدة الفترة الراهنة وإنما تمتد جذورها إلى حقبة حسن البنا مؤسس هذه الجماعة وهذا الكلام موثق ومكتوب في كتاب صدر للدكتور محمود عساف سكرتير المرشد العام الامام الأول حسن البنا الذي صدر بعنوان (أيام مع الإمام الشهيد) صدر عام 1993 عن دار عين شمس. وفي هذا الكتاب نصوص تؤكد أن المرشد سعى بنفسه للقاء القائم بالأعمال الأمريكي والتقاه وعرض عليه خدماته وبالفعل تم تجنيد (حسن البنا) ثم تجنيد مجموعات من الإخوان المسلمين لاختراق بعض التنظيمات خاصة اليسارية التي كانت قائمة في مصر في ذلك الوقت وكانت ترسل تقاريرها للسفارة الأمريكية ثم التقى حسن البنا في فترة لاحقة بالقائم بالأعمال الأمريكي.
كيف هي العلاقة بين حركة حماس والإخوان المسلمين؟
- الحركة فرع من جماعة الإخوان المسلمين خاصة أن ميثاق حركة حماس الذي صدر عام 1987 يقول البند الثاني منه نصًا (حركة المقاومة الإسلامية حماس هي فرع من فروع حركة الإخوان المسلمين) وأن على الجدران في غزة تكتب شعارات مثل حركة حماس هي الجناح العسكري لحركة الإخوان المسلمين وإسماعيل هنية قال للمرشد في القاهرة إن حركة حماس هي الذراع الجهادية لتنظيم الإخوان المسلمين، وهناك تعاون وتنسيق بين الجانبين ودعم مالي وغيره وهذه هي حقيقة العلاقة بين حماس والإخوان. وأن مكتب الإرشاد في مصر يقود التنظيم العالمي للإخوان المسلمين وكل احتفال سنوي بذكرى تأسيس حماس في غزة يقسم أعضاؤها على الولاء لحركة الإخوان المسلمين ومرشدها العام وقادة حماس عندما يقابلون المرشد العام يبايعونه ويقبلون يده وهذا يجب أن يكون واضحا للجميع.
ماذا تقول عن تواجد أنصار بيت المقدس فى سيناء؟
- جماعة «أنصار بيت المقدس» في تراجع شديد في ظل قوة العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات المسلحة في سيناء وجماعة «أجناد مصر» تلقت ضربة قوية وأمام القضاء أكثر من 22 متهما من اعضائها ويتم الآن تفكيك جماعات إرهابية عديدة.
ما دور حركة حماس والتنظيمات التكفيرية والمسلحة في سيناء؟
-حماس فرع من فروع الجماعة وتنفذ تعليمات التنظيم الدولي للإخوان وهي تستخدم نفس أسلوب ومنهج الإخوان في رعاية الجماعة الإرهابية واستخدامها في كل العمليات الإرهابية يوجد نحو 4-6 مجموعات إرهابية أبرزها جيش الإسلام وأيضاً اعترافات أعضاء تنظيم بيت المقدس أكدت أنها تقريباً في غزة وتلقت الأسلحة والمال من حركة حماس.
كيف تعمل الداخلية لرصد كل الخلايا الإرهابية مبكراً؟
- الداخلية بدأت العودة بكامل قوتها وأكاد أقول إنه تم القضاء عليها وتدميرها وتفكيك جهاز مباحث أمن الدولة واحتراقه لكن الآن عادت واستطاعت أن تحبط الكثير من العمليات الإرهابية ونجاحها فى القبض على الكثير من منفذي العمليات الإرهابية وكانت قيد العمل وهذا العمل مستمر يجب أن لا يتوقف مع التركيز على الأجيال الجديدة التى دخلت إلى سوق الإرهاب من شباب الإخوان.
ما أبرز وأخطر هذه الجماعات الإرهابية في سيناء؟
- من أبرز وأخطر هذه الجماعات جماعة التوحيد والجهاد التي أسسها هاني أبوشيتة شقيق حمادة أبوشيتة المتهم في العديد من التفجيرات الإرهابية أيضاً هذه المجموعة أصلها في غزة وفرعها في سيناء وتنظيم مجلس شورى المجاهدين أكناف بيت المقدس وهي جماعة موجودة في غزة وفرعها في سيناء التي أعلنت عن مسئوليتها عن محاولة اغتيال وزير الداخلية وتفجير مبنى المخابرات في رفح وهناك مجموعة ثالثة تُسمى أنصار الشريعة يقودها الإرهابي المعروفرمزي موافي الملقب بطبيب بن لادن الذي كان محبوسًا مع محمد مرسي وعناصر الإخوان في سجن وادي النطرون وتم تهريبه وذهب إلى سيناء لإنشاء هذه الجماعة وأرجح أن يكون رمزي موافي هو القائد العسكري للعمليات في سيناء.
ما الذى تستطيع أن تعمله الأجهزة الأمنية لمواجهة الارهاب؟
- تجفيف الموارد المالية للإرهابيين وأيضاً إغلاق الحدود والمنافذ المصرية لمنع التسلل والجيش والشرطة في مصر أمكن لهم حصار الإرهاب وحققوا انجازات مهمة وهذا يتطلب طول نفس ووعيا أعلى من الشعب المصري لمعرفة خطورة الإرهاب وضرورة أن يشارك في الكشف عن أماكن تدريب هؤلاء الإرهابيين.
ما الحل الأمني للقضاء على الإرهاب؟
- الحل الأمني ليس وحده الذي سيستأصل الإرهاب فهذا يتطلب تعاونا بين الشعب وبين الشرطة ويتطلب مواجهة فكرية وعقائدية في الأفكار التى سيستند اليها الإرهابيون وأيضاً تفعيل أدوار الأحزاب والأزهر الشريف لأن لهما دوراً كبيراً في المواجهة الفكرية.
والقوات المسلحة والشرطة يخوضان معركة تحتاج إلى النفس الطويل وإخفاء بعض المعلومات حفاظًا على سرية العملية لكن يجب أن يكون هناك تكاتف بين عدة عناصر: الجيش والشرطة مع المواطنين وشيوخ القبائل في جميع المناطق المفتوحة كما تم ضبط عدد كبير من غير المصريين وسط هذه الجماعات وأعداد من الفلسطينيين المتورطين في هذه العمليات مؤكدًا أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد الكشف عن حجم الدعم المادي الذي أنفقته جماعة الإخوان لدعم التنظيمات المسلحة في سيناء.
هل توافق على فكرة التدخل العسكري داخل ليبيا لضرب الإرهاربيين؟
- مصر لها الحق في مطاردة العناصر الإرهابية خلف حدودها فقواعد الأمن القومي تقول إن الأمن القومي المصري لا يتم الحفاظ عليه داخل الحدود المصرية فقط ولكن خارجها أيضا ولا يجب أن تتوانى مصر في اتخاذ ما يضمن أمن مواطنيها.
وهذا حق مكفول لدول كثيرة وهو حق لمصر وأذكر هنا أن أمريكا تستخدم طائرات بدون طيار في أفغانستان وباكستان واستخدمت هذا الحق في ليبيا عندما خطفت من داخل ليبيا أبو أنس الليبي واستخدمته فرنسا عندما تدخلت في مالي وبالتالي هذا الحق مكفول لمصر ولا أحد يناقشها فيه فعندما تكون هناك دول في الجوار مثل ليبيا المفككة أو حتى السودان لا تراعي حرمة الحدود هنا يجب التدخل.
متى تنتهي الحرب على الإرهاب في سيناء؟
- أتوقع أن تطول المواجهة الحالية مع الإرهاب بسبب طبيعة سيناء نفسها ولأن بعض القبائل تعطي غطاءً لهذه الجماعات الإرهابية وأنا أناشد المصريين في سيناء من أبناء القبائل عدم منح الإرهابيين أي غطاء لأن المصريين سيحاكمون كل من يساعدهم بالسلاح أو الحماية.
ما ردك على علاقة الإخوان والتنظيمات الإرهابية العالمية؟
- الإخوان بلوروا شبكة تحالفات واسعة مع التنظيمات الإرهابية فى المنطقة ابتداءً من باكستان وأفغانستان وانتهاءً بمالى فى أفريقيا وبتمويل قطرى وهو ما أثبتته تقارير فرنسية أخيرة.
وتثبت الفيديوهات والمعلومات أن تنظيم «القاعدة» انتقل إلى سيناء و«القاعدة» والتنظيمات الجهادية ما هى إلا احتياطى للإخوان تلجأ إليه إذا وجدت نفسها فى مأزق وبالتالى فهناك ائتلاف واسع يقودة التنظيم الدولى للإخوان المسلمين بمن فيهم «إخوان بلا عنف» وجماعة أبوالفتوح الذى انفصل عن الجماعة تنظيمياً لكنه فكرياً متصل بهم- والجماعة الإسلامية وحتى السلفية فكلهم تحت غطاء وعباءة الإخوان وتصريفاتهم.
ما تعليقك على الموقف القطري من مصر؟
- قطر هي أداة الأمريكان وتنفذ المخطط الصهيوأمريكي وعلاقتها باسرائيل علاقة معلنة ولديها طموح غير مشروع وهي تحاول جاهدة أن تلعب دوراً أكبر بكثير من حجمها مما يدفعها إلى الدخول في الكثير القضايا العربية والإقليمية وهذا الأمر بالتأكيد سينعكس سلباً على هذه الإمارة وقد يؤدي إلى تدمير النظام الحاكم لأنه يلعب دوراً أكبر من حجمه الحقيقي.
ما مصادر أموال جماعة الاخوان؟
- مصادر أموال الجماعة متوغلة ومنتشرة عبر شبكة تمويل متشابكة ومتداخلة ولا تستطيع دولة فى العالم أن توقف إمدادات الأموال للجماعة لكن يمكن الحد من ممرات الأموال والكشف عنها بمزيد من الجهد ولدى الإخوان المسلمين والتنظيم الدولى فى مصر بنية تحتية اقتصادية فى مصر جزء منها يتعلق بالصرافة وسوق الماس والذهب.
هل يحدث فى الفترة القادمة نقلة نوعية فى العمليات الإرهابية؟
- نحن نواجه إرهاباً متأصلاً ومتوغلاً وقد يصل إلى أقبح أوجهه فى اللحظة التى يدرك فيها أنه الخاسر الأكبر ولدىَّ معلومات تؤكد أن «حماس» اشترت أراضي فى الصالحية والإسماعيلية فى عهد مرسي لكن أوراق الدولة تثبت ذلك وهدف حماس من تلك الأراضي أن تستخدمها كعمق استراتيجى لسيناء.
هل هناك شراكة بين الإخوان والجماعات السلفية؟
- هناك شراكة بين الإخوان والجماعات السلفية وبين الحرس الثوري الإيراني وخلية حزب الله التي القي القبض عليها في سيناء وهرب سامي شهاب عضو حزب الله اللبناني وهو لديه علاقة وتبعية بالحرس الثوري وخاصة ما يسمى بـ (فيلق القدس) كما يشرف على هذا الحرس تهريب الإسلحة من السودان إلى مصر وتدريب عناصر من الإخوان في ليبيا مما يسمون أنفسهم (جيش مصر الحر).
هل قرار حل الجماعة تحصيل حاصل؟
- نعم قرار حل الجماعة تحصيل حاصل لأنه لم يكن لها وضع قانوني تستند إليه لكن الجماعة قد تلجأ إلى إعادة تمثيل دور الضحية الآن ففى عهد مبارك حصلت على مساحة حركة وحرية لم تحظَ بها على مدار تاريخها الطويل من مواءمات أمنية واتفاقات وعلاقات اقتصادية واسعة وبالرغم من ذلك فهي برعت فى ادعاء المظلومية واستطاعت أن تنفذ إلى الناس وها هى الآن تعيد صناعة نفس الدور وعلينا أن نتنبه لهذا الأمر، وفى تقديرى لو لم تكن الجماعة موجودة أيام مبارك لخلقها مبارك لأنه كان يعتمد عليها للمناورة فى علاقاته مع أمريكا وبالتالي فخطة الالتئام تعتمد في الأساس على الطبيعة الاجتماعية للتنظيم الدولى وتوزيع نفوذها فى مناطق بعينها وترقية العناصر الفاعلة والنشطة إلى قيادات بفعل وصول الأموال عبرها إلى المستويات الأدنى والسير فى مسارات مختلفة لإرباك مصر كإشاعة إفلاس مصر ودفع الناس إلى سحب أموالهم من البنوك وإثارة الذعر وزيادة حصيلة العنف والدعوة إلى عصيان مدني واستخدام الجامعات لنقل الصراع إليها.
ماذا تقول عن الإدارة الامريكية نتيجة ثورة 30 يونيو؟
- الإدارة الأمريكية انتدبت الإخوان للقيام بعدة مهام والإطاحة بهم له بعد إقليمى مهم وهو ترتيب أمريكا للشرق الأوسط الجديد وكان يهم أمريكا أمن إسرائيل وقد حافظ عليه الإخوان وكانت تريد تحويل الصراع العربى الإسرائيلى لصراع سني شيعي ولأول مرة بتاريخ الرئيس المعزول أنه عند زيارته لإيران قال وافتتح خطابه بالصلاة على النبي والخلفاء الأربعة وهو ما يعني أنه يقدم أوراق اعتماده لأمريكا كقائد وزعيم للسنة ولم يذكر هذا فى خطاب آخر له ليعلن أنه سيدخل هذا الصراع المذهبي مندوباً عن الولايات المتحدة.
الإطاحة بمرسى والإخوان شكلت ضربة لأمريكا التى كانت تراهن عليهم وأن يستكملوا مهامهم لأن مرسي نفذ حرفياً ما كان مطلوبا منه ونال مديحا شديدا من الولايات المتحدة وإسرائيل بدءاً من ليبرمان ونتنياهو ورئيس الأركان ووزير الدفاع وقالوا إنهم فوجئوا بقبول مرسى ما رفضه مبارك بوضع مجسات على طول الحدود مع مصر.
د. سمير غطاس متحدثا لـ «اليوم»