كيث همفريز يتداول الأفكار حول حماقة اليورو، والسبب في أن الحكومات المعنية لا تستطيع حتى أن تقوم بعمل معين للنظر في الإمكانية التي ينبغي فيها التخلي عن اليورو. وقد لاحظ بول كروغمان أن «أفضل تصور حول اليورو هو أنه عبارة عن مؤامرة من قبل التكنوقراط الإيطاليين ليحصلوا لأنفسهم على مسؤولي البنك المركزي الألماني». ويضيف: «لم يكن هذا، كما تبين، فكرة جيدة». همفريز، وهو طبيب نفساني، وليس خبيراً اقتصادياً، يتساءل عما إذا كان البيروقراطيون يرتكبون خطأ معرفياً أساسياً: منطقة اليورو «تفترض على غير وجه حق أن إعادة ترتيب تبعات ومسؤوليات القرارات المالية لن تؤثر على القرارات المالية اللاحقة من قبل المشاركين (سواء كانوا أفراداً أو شركات أو مسؤولين أو منتخبين أو مصرفيين)».
باعتباري شخصاً ضد التكامل الأوروبي منذ فترة طويلة، وكثيراً ما كانت تراودني فكرة أن اليورو لا بد له أن يدمر نفسه في نهاية المطاف، فأنا متعاطفة مع نظرة همفريز. ولكن اسمحوا لي بمحاولة تقديم دفاع جزئي عن البيروقراطيين التعساء: مهما كانت عملية استحداث اليورو غبية، فإن التراجع عنه لن يكون سهلاً. نعم، نحن نعود إلى الاعتماد على المسار، هذا الصديق القديم. وحقيقة أنه يمكنك أن تتجنب الوقوع في مصير رهيب من خلال وقف شيء قبل أن يبدأ لا تعني أنه يمكنك أن تحقق في وقت لاحق نفس الآثار المفيدة عن طريق وقف أي شيء غبي قمت به. يمكن أن يكون ذلك غير مؤلم فقط إذا لم يكن لديك اليورو. ولكن سيكون من المؤلم حقاً التخلص منه. إن مجرد تخيل عملية التحول هو أمر شاق. إن أياً من دول البيجس PIIGS (البرتغال وأيرلندا وإيطاليا واليونان وإسبانيا) إذا أعلنت عن خطط للانتقال من اليورو فإن هذا سيستثير تدافعاً على سحب الأرصدة من نظامها المصرفي، في الوقت الذي تحاول فيه الناس نقل ما لديهم من أموال اليورو إلى ألمانيا. ولذلك ستضطر الحكومات إلى تجميد الحسابات المصرفية، الأمر الذي سيخلق كل أنواع المشاكل الأخرى. الخروج من اليورو يشكل أيضا إعساراً على السندات المقومة باليورو، إلا إذا كنت توافق على سداد السندات باليورو، والذي يعتبر وصفة لأزمة السندات مثل تلك الأزمة التي تعاني الأرجنتين. من الصعب أن نرى كيف يمكن لأي شخص أن يخرج من منطقة اليورو دون أزمة عميقة محلية على الأقل، وربما إلى حد بعيد جولة أخرى من الأزمات العالمية، مع سلسلة من ردود الفعل تُحدِث الانهيار في الأسواق في جميع أنحاء العالم. لا عجب أن لا أحد يريد حتى مناقشة الأمر. خصوصاً أن مناقشة حل منطقة اليورو يجعل الأزمة أكثر احتمالاً. إذا قرر المستثمرون أن ايطاليا من المرجح أن تترك، سوف يبدأون بالهرب من السندات الايطالية تقريباً بأسرع ما لو كانت ايطاليا قد غادرت بالفعل. هذا لا يعني أنه لن يحدث هذا في نهاية المطاف. ما زلت أعتقد أن هذا لا يزال يشكل خطراً حقيقياً. ولكن إذا كان الأمر كذلك، ربما سوف سيظل المسؤولون العامون يواصلون تصريحات النفي حول إمكانية التفكك، إلى حين اللحظة الأخيرة من وقوع نهاية غير سارة ومريرة.