كنت قد كتبت عن اطفال (باريس) وعن قرارات الحكومة الفرنسية القاضية بحظر التجول ليلا على الأطفال الذين تقل اعمارهم عن الثالثة عشرة, باستثناء الذين يخرجون مع أفراد العائلة البالغين.. حفاظا عليهم وحفظا للمجتمع من شرور بعض (الأحداث) منهم, وكتبت كذلك عن أطفالنا (الأحداث)..
وكتبت عن اطفالنا (الأبرياء) الذين يشترون الدخان من أي سوبر ماركت دون حسيب او رقيب, واقترحت ان توكل مهمة مراقبة هؤلاء الأطفال الى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. فهم صمام الأمان الذي يجب ان يشارك بفعالية.. وهذا هو الميدان الذي ربما يتمنى البعض منا على الهيئة ان تخوضه.
المهم في الأمر اني سبق ان تطرقت لمثل هذه المواضيع فيما مضى، وذلك من خلال ورقة عمل قدمتها في الندوة المنعقدة في الفترة من 17 ـ 19 من شوال من عام 1417هـ (الموافق 24 ـ 26 من فبراير 1997) في أكاديمية نايف العربية للعلوم الامنية بالرياض، والتي كان عنوانها (تعميق الوعي الامني لدى المواطن العربي) ونشرت في جريدة (اليوم) الغراء في العدد (8688) بتاريخ 20/11/1417هـ وقد سعدت مؤخرا بما اصدره مجلس الوزراء الموقر، فقد اصدر المجلس قرارا بفرض غرامات مالية قدرها 500 ريال على نقاط بيع التبغ (السجائر) التي تبيع لمن هم دون سن 18 عاما، وغرامة 200 ريال على المدخنين في المؤسسات الحكومية مع التأكيد على رفع أسعار علبة التبغ بكافة انواعها الى 6 ريالات، وقد بين القرار الصادر من المجلس ان الغرامات التي ستحصل من المخالفين في ذلك ستكون لصالح الصندوق الذي يتم انشاؤه بوزارة الصحة.
ولكي أكون منصفا ولا اظلم نفسي، او اظلم رجالا اجلاء مثل رجال الحسبة.. اقول هناك احداث يتجولون في اسواقنا يدخنون السجائر ويتحدثون بكلمات خالية من الحشمة أمام النساء، كالشتائم المفضوحة ، مما يجعلهن يتعرقن خجلا ويصرخن من الرعب، فهل تكرم رجال الحسبة بمراقبة ذلك. تلك من المشكلات الاجتماعية.. وأرى انه لابأس من مناقشتها، فنحن مجتمع مسلم بالفطرة.. ونحن بسطاء ويجب ان نتحدث عن انفسنا ببساطة، أليس من الواجب ان نتحدث عن امور ذات فائدة لنا وللمجتمع دون مجاملة أو خوف من أحد؟!.
وأخيرا.. اتساءل هل هناك أمل في طرح مثل هذه المواضيع ومناقشتها بتجرد ينسجم مع ثوابتنا الاسلامية, وقيمنا الاصيلة، وواقعنا الاجتماعي؟!.. وهل بالإمكان نقد الذات قليلا دون حرج أ وشكوك من الآخرين بنواياك؟!.. والاهم من كل ذلك هل بالإمكان نقد الذات دون محاذير ما انزل الله بها من سلطان؟!.. وهل سيأتي اليوم الذي نتخلى فيه عن الحساسية التقليدية المفرطة تجاه ماينشر عن مشكلاتنا من انتقادات؟! ونعمل كما عملت النعامة وندس رؤوسنا في التراب، ونتنحى ونترك بعض المشكلات الاجتماعية تتحول الى ظواهر ثم الى مآس يندى لها الجبين؟!.