ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن تنظيم داعش الذي يريد تعزيز سيطرته على منطقة واسعة من الحدود مع تركيا «يحكم الحصار» الأحد على مدينة عين العرب (كوباني باللغة الكردية)، ثالث أكبر مدينة كردية في سوريا.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن: إن عناصر هذا التنظيم المتطرف الذين سيطروا على أكثر من 60 قرية في منطقة كوباني منذ مساء الثلاثاء، أحرزوا مزيدًا من التقدم وهم موجودون في بعض الأماكن على بعد عشرة كيلو مترات فقط من المدينة.
وأكد مصطفى عبدي لوكالة فرانس برس، وهو ناشط وصحفي سوري كردي من كوباني يتنقل باستمرار إلى الحدود التركية «أن التنظيم يتقدم من الجهة الشرقية لكوباني».
وقال عبر الهاتف: «إن الشوارع خالية تقريبًا ويخيم عليها شعور بالقلق والترقب»، مضيفًا إن مدنيين «بينهم عجائز ومعوقين، تم إعدامهم في القرى»، لكنه أكد عدم وجود حصيلة حتى الآن.
وأشار إلى أن «السكان يحاولون العودة إلى قراهم من أجل جلب بعض الحاجيات إلا أنهم يشاهدون على بعد مئات الأمتار عناصر التنظيم الذين يسرقون منازلهم».
ويواصل المدنيون الأكراد في المدينة وضواحيها الهرب نحو تركيا خوفًا من عمليات انتقامية، كما ذكر المرصد. وقد لجأ حوالى 70 ألف كردي إلى هذا البلد المجاور منذ الخميس، كما ذكرت الأمم المتحدة.
وروى لاجئون من القرى لوكالة فرانس برس أن المسلحين المتطرفين قصفوا ودمروا المنازل وقطعوا رؤوس السكان الذين لم يغادروا.
وأضاف الناشط الكردي «إن غالبية النساء والأطفال غادروا كوباني، ولكن هناك آلاف الرجال المسلحين الذين يريدون الدفاع عن البلدة حتى آخر قطرة دم».
إلا أنه استدرك متسائلًا: «لكن ماذا يمكنهم فعله أمام الأسلحة الثقيلة التي يملكها التنظيم؟».
ولمواجهة تقدم تنظيم داعش وصل حوالى 300 مقاتل كردي من تركيا إلى سوريا لمساعدة إخوانهم في سوريا، بحسب المرصد.
وقال عبدي: «نحتاج إلى طائرة أمريكية واحدة لقصف هؤلاء الهمج، أين التحالف ضد الإرهاب؟ (الذي تقوده الولايات المتحدة) يجب عليهم إنقاذ الشعب الكردي».
امتداد جغرافي
وبشنه الهجوم على عين العرب يريد تنظيم داعش تأمين امتداد جغرافي على منطقة كبيرة من الحدود بين سوريا وتركيا.
وتقع المدينة الكردية وسط هذه المنطقة التي يسيطر عليها التنظيم ما يعوق تحرك التنظيم على الحدود.
وإذا توصلت المجموعة المتطرفة إلى الاستيلاء على هذه المدينة، فستهدد بالتالي المناطق الحدودية في الشرق مثل القامشلي الكردية.
وأسفرت المعارك التي ما زالت مستمرة في ضواحي كوباني منذ مساء الثلاثاء عن مقتل 37 مسلحًا على الأقل من عناصر تنظيم داعش و27 من الأكراد.
وقال عبدالرحمن: «إن أكثرية القتلى لدى الجهاديين هم غير سوريين ومنهم شيشانيون».
ودعت المعارضة السورية في المنفى المجموعة الدولية إلى «التحرك العاجل للحول دون حصول تطهير آتني» في هذه المدينة.
تدفق اللاجئين
وفي سياق متصل قالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة الأحد: إن تركيا تواجه أحد أكبر موجات تدفق اللاجئين من سوريا منذ اندلاع الحرب هناك قبل أكثر من ثلاثة أعوام، في الوقت الذي يستمر فيه المدنيون في الفرار من الاشتباكات. وقالت كارول باتشيلور ممثلة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في تركيا لرويترز أمس: إنه تأكد عبور 70 ألف شخص على الأقل إلى تركيا، في أقل من يومين وإن الرقم الحقيقي قد يكون أكثر من مائة ألف. وأضافت في مقابلة من العاصمة التركية أنقرة: «لا أعتقد أننا على مدار ثلاثة أعوام ونصف مضت رأينا عبور مائة ألف شخص في يومين»، مشيرة إلى أن ذلك يوضح نوعًا ما حقيقة الوضع والخوف البالغ الذي يشعر به الناس بسبب الأوضاع داخل سوريا والعراق.
وبعد إعادة الناس في بادئ الأمر فتحت السلطات التركية يوم الجمعة أجزاء من الحدود للسماح للمدنيين وخاصة النساء والأطفال وكبار السن بالعبور في سلام.
وتستضيف تركيا بالفعل 1.3 مليون لاجئ سوري، ويقدر مسؤولون أن جهود الإغاثة كلفت الحكومة ما يزيد على ثلاثة مليارات دولار.
وقدمت باتشيلور الشكر لتركيا محذرة من أن ضراوة القتال وتغير الأوضاع سريعًا قرب كوباني جعل عبور مواد الإغاثة للحدود أمر مستحيل، ما يعني أنه ليس هناك أي خيار آخر سوى الإبقاء على الحدود التركية مفتوحة.
وتابعت «بصراحة لا نعلم متى ستتوقف هذه الأرقام، ولا نعلم ما يحمله المستقبل. قد تصل مرة أخرى إلى مئات الآلاف».
وتقول المفوضية: إنها تلقت أقل من ربع المبلغ الذي طلبته والبالغ 497 مليون دولار للتعامل مع مشكلة اللاجئين التي تواجه تركيا.