ليس بغريب ان لا يجد الكاتب اذاناً مصغية لما يكتب؛ فليست مهمته إجبار الغير بالاعتقاد برأيه او تنفيذ ما يكتب، فهي وجهة نظر ورأي يتفق معه من يتفق ويختلف معه من يختلف لكن يبقى ان الكاتب قام بما يمليه عليه ضميره وامانته المهنية في انْ نَقَلَ للمسؤولين وإلى اولياء الأمر وجهة النظر وذلك الرأي و بَينَ للقارئ الكريم ان هناك آراء اخرى في القضية المتداولة، لن احلق بكم بعيداً في مقالي هذا لكن سأعود الى ارشيفي القديم واتطرق الى ثلاثة مقالات كتبتها قبل عدة سنوات ولم يُلتفت اليها مع ان لها علاقة بالتغيير المنشود في وزارة الصحة. كما نعلم انه لم يمض وقت طويل بعد ان تولى معالي وزير الصحة المكلف المهندس عادل بن محمد فقيه زمام الامور في وزارة الصحة الا وهناك مطالعُ تُنبئ بأن رياح التغيير قد بدأت تعصف في اروقة هذه الوزارة التي وقفت كالصخرة صامدة في وجه أي تغيير بالرغم من ان التغيير حالياً هو مطلبٌ للجميع سواء من داخل وزارة الصحة او من خارجها. كذلك لطالما اعتقدت وصرحت وآمنت بأن وزارة الصحة كبيرة جداً كأنثى الفيل حركتها بطيئة والتغيير فيها صعب ولابد ان تفكك هذه الوزارة لتسهل قيادتها ولكي نُحدثَ التغيير اللازم بالمرونة والسرعة المطلوبة لذلك فلتكن اول خطوة نقوم بها هي التخلص من المهام والاعباء الإضافية الملقاة على كاهل وزارة الصحة– وهي ليست من مهام الوزارة- قبل البدء او مع البدء بالتغيير المطلوب. المقال الاول هو: "وزارة الصحة والأعباء الإضافية" وذكرت فيه ان المسؤولية على وزارة الصحة عظيمة ويجب التخلص من خدمات تشغلها عن اداء مهماتها الاساسية في تقديم الخدمات الوقائية والعلاجية للمواطنين والخدمات التي ينبغي لوزارة الصحة التخلي عنها هي مراكز الطب الشرعي والسموم لتنتقل الى وزارة العدل او الداخلية كما في الدول الأخرى، ان تتخلى وزارة الصحة عن لجان المخالفات الطبية واللجان الشرعية وتُنقل الى وزارة العدل وان تتخلى الوزارة عن مهام التفتيش الرقابية على مؤسسات القطاع الصحي الخاص فوزارة الصحة الآن هي المفتش والقاضي والجلاد في نفس الوقت وفي نفس الوقت لا نرى تفتيشاً رقابياً على المستشفيات الحكومية مثل ما هو على القطاع الصحي الخاص فالواجب ان تسند هذه المهام الى جهات أخرى (مثل هيئة الرقابة والتحقيق، الهيئة السعودية لاعتماد المنشآت الصحية، الهيئة السعودية للغذاء والدواء) ليعامل فيها القطاع الصحي الخاص والحكومي بنفس الميزان وان تقتصر اعمال ادارات المتابعة في وزارة الصحة على القضايا الداخلية التي ليس بها طرف ثالث من خارج وزارة الصحة، ان تتخلى وزارة الصحة عن مراكز اللياقة والقيام بفحوصات الزواج وان يسند كشف اللياقة الصحية وعمل فحوصات الزواج للقطاع الصحي الخاص الذي اُعطي صلاحية الكشف على امور لا تقلُ اهمية عن هذه الفحوصات كفحوصات الخدم وعمال التغذية وكذلك ان تتخلى وزارة الصحة عن دورها في الكشف على مستحقي الضمان الاجتماعي وتسند الى لجان في داخل مكاتب فروع وزارة الشؤون الاجتماعية وانا على يقين بأن هناك الكثير من الأعباء الإضافية التي يمكن التخلص منها وإسنادها الى جهات خارج وزارة الصحة وهي حالياً تستنزف امكانات واوقات العاملين في وزارة الصحة. اما المقال الثاني فهو: "أرامكو والخدمات الصحية" وذكرت في مقالي اننا كمواطنين نعرفُ تميز أرامكو ونتمنى لو ان كل مستشفياتنا كمستشفى أرامكو وياليتنا استعنا في ذلك الوقت بأرامكو السعودية لتجويد خدماتنا الصحية وبالفعل فلقد كشفت لنا الشهور الماضية تميز الخدمات الطبية في أرامكو السعودية عندما استعانت وزارة الصحة بالكفاءات الادارية والفنية من مستشفى ارامكو في السيطرة على وباء كرونا وفي ادارة مستشفيات المنطقة الغربية. اما المقال الثالث فهو: "إدارة التغيير" ولقد سطرت في هذا المقال إعجابي بكتاب "Winning" لكاتبه جاك ولش الرئيس السابق لشركة جنرال الكتريك ولقد اُعجبت ببعض المبادئ التي ذكرها في كتابه وتمنيت تطبيقها في ادارتنا للتغيير الذي تمر به منظماتنا ومن ضمنها خدماتنا الصحية. لقد عُرِفَ جاك ولش بنظرية 10-70-20 أي ان 10% من الموظفين غير منتجين ويكرهون عملهم لذا فيجب التخلص منهم والـ 70% يقومون بأعمالهم ولكن غير متميزين فيُبقى عليهم ليستمر العمل اما الـ 20% فيرى انهم متميزون ويجب مكافأتهم لأنهم يجلبون النجاح لشركاتهم ويعتقد ولش ان الشركات تُعاني وقد تخسر اذا فقدت التمييزَ بين موظفيها و يَصِفُ جاك ولش ذلك بعبارة جميلة فيقول " تُعاني الشركات عندما تُعامل موظفيها بالتساوي وترُشُ عليهم الزيادات القليلة مثل هطول المطر على المحيط". نتمنى لمعالي وزير الصحة المكلف كل التوفيق في القيام بالتغيير المطلوب وان لا يلتفت الى من يتظاهر بقبول التغيير وهو في الحقيقة المقاوم الحقيقي للتغيير بل يتحين الفرصة لإثبات عدم جدوى التغيير وان ما يقوم به هو المناسب والصحيح.
* استشاري كلى ومتخصص في الإدارة الصحية