DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

هل الأجدر أن نعيش لكي نعمل أو أن نعمل لكي نعيش؟

هل الأجدر أن نعيش لكي نعمل أو أن نعمل لكي نعيش؟

هل الأجدر أن نعيش لكي نعمل أو أن نعمل لكي نعيش؟
لا خَيْلَ عِندَكَ تُهْديهَا وَلا مالُ فَليُسْعِدِ النُّطْقُ إنْ لم تُسعِدِ الحالُ (المتنبي) كان الجزء الأول من المقال قد قدم نتائج استطلاعات عدة عن شعور العاملين تجاه أعمالهم، ونِسَب الذين يحبون أعمالهم والمنفصلين عاطفيا عن أعمالهم، والكارهين لها، في دول عدة. ولكي نفهم النتائج الصارخة للاستطلاعات المختلفة والتي تشير بوضوح كامل إلى أن العالم كله مازال يمارس نظام السخرة في العمل بشكل أو بآخر، مما أسفر عنه ظهور نسبة تقارب 90% من العاملين على مستوى العالم غير راضين عن عملهم. وإزاء هذا الوضع العالمي السيئ، والمتضخم أكثر في وطننا العربي، علينا أن نبدأ بنشر الوعي حوله كخطوة أولى باتجاه الحل. يعرّف الارتباط بالعمل (engagement) على أنه «المشاركة والعاطفة والحماس والجهد المركّز والطاقة». وقد ثبت عبر بحوث عدة وعلى نطاق واسع أن هناك ارتباطا واسعا بين الارتباط بالعمل وأداء الشركات. فقد أجريت في العام 2012 دراسة لنتائج 263 دراسة سابقة في هذا الجانب، فوجد أن الشركات في الربع العلوي للموظفين المرتبطين بعملهم، مقارنة مع الربع السفلي، لديها 22% زيادة في الربحية، و10% زيادة في رضا العملاء، و28% أقل سرقات، و48% أقل في حوادث السلامة. كما وجدت دراسة قامت بها شركة واتسون تاور الاستشارية في 2012، وشارك فيها 32,000 موظف، أن هامش الربح في الشركات التي لديها أكبر عدد من المرتبطين بعملهم بشكل مستدام، يقترب من ثلاثة أضعاف ربح الشركات التي لديها أدنى درجات الارتباط. كما أجرى الباحثان توني شوارتز وكريستين بوراث العام الماضي بالتعاون مع مجلة علمية (Harvard Business Review) بحثا على مجموعة كبيرة من الشركات على مستوى العالم وشارك فيه أكثر من 20 ألف موظف. وكان الهدف معرفة العوامل التي تؤثر في إنتاجية وارتباط الموظفين بعملهم. وقد وجدوا أن الموظفين يكونون أكثر سعادة وإنتاجية إذا توفرت لهم حاجياتهم الأساسية الأربع: (1) الحاجات الجسدية، من خلال توفير فرص تجديد وإعادة شحن طاقتهم في العمل، بشكل منتظم، و(2) الحاجات العاطفية، من خلال الشعور بأن لهم قيمة مع تقدير مساهماتهم، و(3) حاجاتهم العقلية، وتتمثل في إتاحة الفرصة لهم للتركيز على أهم المهام وتحديد متى وأين يقومون بعملهم، و(4) الحاجات الروحية، من خلال القيام بالمزيد مما يفعلونه أفضل ويتمتعون به أكثر، والشعور بارتباطهم بهدف أسمى في العمل. بالنسبة للحاجات الجسدية، فقد أظهر الذين أخذوا قسطا من الراحة كل 90 دقيقة، مستوى أعلى من التركيز بمقدار 30% من أولئك الذين لا يأخذون فترة راحة أو يأخذون فترة راحة واحدة فَقَط في اليوم. كما ظهر أن لديهم قدرة أكبر بما يقرب من 50% في التفكير بشكل مبدع، ومستوى أعلى بمقدار 46% من الصحة والرفاه. كما وجدت الدراسة أنه كلما عمل الناس أكثر من 40 ساعة في الأسبوع وباستمرار، كان شعورهم أسوأ، والتزامهم بالعمل أقل. وعلى النقيض، فإن الذين يشعرون بالتشجيع من مشرفيهم لأخذ فترات راحة، يزيد احتمال بقائهم مع مؤسساتهم، ويضاعف شعورهم بالصحة والرفاه. أما فيما يخص الحاجات العاطفية، فقد وجد أن شعور الموظف بأن رئيسه يهتم به، له تأثير أكثر أهمية من حيث منح الثقة والأمان، من أي سلوك آخر يقوم به الرئيس. فالموظفون الذين يقولون إن لديهم مشرفين مساندين لهم، لديهم احتمال أكبر للبقاء مع المؤسسة بمقدار 30%، والتزام أكثر بعملهم بمقدار 67%. وفيما يتعلق بالحاجات العقلية، فقد ذكر 20% فقط ممن شملهم الاستطلاع أنهم كانوا قادرين على التركيز على مهمة واحدة في وقت واحد في العمل، وقد كانوا أنفسهم أكثر التزاما بعملهم بمقدار 50%. وبالمثل، قال الثلث فقط ممن شملهم الاستطلاع أنهم كانوا قادرين على تحديد أولويات المهام بشكل فعال، وكانوا أنفسهم أكثر قدرة على التركيز على شيء واحد في وقت واحد بمقدار 60%. أما في الجانب الروحي، فقد ظهر أن أهم عامل أو متغير هو شعور الموظفين بأن عملهم له معنى وقيمة. فالموظفون الذين يستمدون معنى وأهمية من عملهم من المرجح أن يبقوا مع منظماتهم أكثر من غيرهم بثلاثة أضعاف. كما أن رضاهم الوظيفي زاد بمقدار 70%، وكانوا 40% أكثر التزاما بالعمل. من الأسباب الأخرى المهمة التي تدعو لعدم حب العمل هي عدم وجود الموازنة بين حياة الموظف والعمل. إذا لم يكن لديك توازن بين متطلبات عملك ومصالحك الشخصية أو قضاء الوقت مع العائلة خارج العمل، قد تبدأ شعورا حادا بعدم السعادة. إذا كان العمل هو الشيء الوحيد الذي تدور حياتك حوله، فإن كل ما ليس له علاقة بالعمل سوف يؤثر بك بعمق، سواء تمثل ذلك في صراع مع زملائك أو عدم وجود راتب لائق. تأكد من التفريق بين العمل من أجل العيش والعيش من أجل العمل. يجب ألّا تدع عملك يحدد لك ما تحب، لذلك يجب تحقيق مصالحك خارج العمل، وأن نتذكر أن للحياة معنى أكبر بكثير من مجال العمل. يعتقد بعض الناس أنه يعمل في وظيفة غير مناسبة، أو أنها قد لا تكون الوظيفة المثالية له. وينسى أحدهم أن المهم أن يكون جيدا في عمل شيء واحد. ربما لن يكون ذلك سهلا، ولكن تحتاج لكسب ذلك بنفسك. إذا كنت تريد أن تحب ما تفعله، فعليك التخلي عن سؤال «ماذا يمكن أن يقدمه عملك لك؟» وبدلا من ذلك، يجب التفكير في «ماذا يمكن أن تقدمه أنت لعملك؟». كذلك فإن من أهم الأسباب لكره العمل هو عدم الارتياح للرئيس في العمل. فقد وجدت شركة توظيف بريطانية على الانترنت (Staffbay) في العام الماضي أن 87٪ من الموظفين لا يثقون برؤسائهم. عندما لا يعطي المديرون الأوامر الصحيحة، أو الأسوأ من ذلك، عندما يديرون العمل بشكل تفصيلي، سيعدم ذلك الثقة ويصبح الموظفون مستائين. إذا كنت تسكن بعيدا جدا أو قريبا جدا من عملك، فذلك مدعاة لكره العمل. إذا كان وصولك لمقر عملك يستغرق أكثر من ساعة، فسوف تنفق ما يقرب من ١/٦ أو ١/٨يومك في التنقل من وإلى عملك. ان تنقلاتك تبدو كما لو أنها وظيفة أخرى قائمة بذاتها. أما إذا كنت تسكن قريبا جدا من عملك، فإن الامر يبدو وكأنك لا تترك عملك أبدا. مقارنة نفسك بمن تعتقد أنهم أفضل منك هي دائما لا تجلب حب العمل. فربما لا تعرف قيمة ما لديك، إذ دائما ما يرى الناس الأماكن الاخرى أكثر اخضرارا. فلو قارنت نفسك بآخرين أدنى منك لسعدت. وفي بعض الأحيان، يقع الموظفون ضحايا جدارتهم. فمستوى أعلى من القدرة يؤدي إلى حجم أكبر من العمل. وعندما لا يحظى هذا الجهد الإضافي بملاحظة أو تقدير أحد، في الوقت الذي يقوم زميلك في العمل بالحد الأدنى من العمل، ويتلقى نفس المستوى من الأجر، فإن هذا يؤدي إلى علاقة كراهية مع وظيفتك. طول البقاء في الوظيفة قَدْ يكون مصدر شعور بالملل أو الوصول إلى طريق مغلق أو خيارات محدودة. هناك بيانات نشرت مؤخرا في موقع Career Vision تشير إلى أن ثلث العاملين في أمريكا يعتقدون أنهم وصلوا إلى طريق مسدود في حياتهم المهنية، بسبب طول البقاء في الوظيفة. لا شيء يحقر الرئيس في أعين موظفيه أكثر من نسبة عمل وأفكار الآخرين إليه. من المهم تحقيق التوازن بين الإشراف على الموظفين، ومنحهم مساحة كافية للقيام بأعمالهم. في الغالب، نحن لا نشكو من قلة المديرين الذين لديهم القدرة على حل المشاكل ومواجهة التحديات. ولكن، يبدو أن لدينا عجزا في وجود قادة أو ذوي مهارات اجتماعية فائقة يمكن أن يلهموا الآخرين للقيام بالعمل المتميز. لابد أن يحرص القادة بانتظام على التواصل مع الموظفين وإيجاد طرق للسماح لهم للتعبير عن مخاوفهم والتحديات التي تواجههم دون خوف من العقاب. وهناك طريقة جيدة للقيام بذلك هو أن يكون هناك جلسات عادية للاستماع، حيث يجتمعون مع أفراد أو مجموعات صغيرة لمدة 30 دقيقة دوريا، لسماع الأفكار حول كيفية جعل الجو في مكان العمل أفضل. إذا كان الموظف يشكو من مشكلة، حاول أن تطلب رأيه حول كيفية إصلاحها. *أكاديمي مهتم بقضايا الموارد البشرية