لا توجد أي علامة على وجود شركة شنجن لانهاو دايز إلكترونيك تكنولوجي المحدودة في العنوان المسجل باسمها في المجمع السكني "فراجرانت فيلا" في هذه المدينة الواقعة في جنوب الصين.
لكن تقريرا، لجهاز مخابرات غربي اطلعت عليه رويترز يقول: إن شنجن لانهاو واحدة من عدة شركات في الصين، تتلقى أموالا من إيران عن طريق بنك صيني. وتسهم مثل هذه التحويلات في تمويل عمليات دولية لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
وقال مسؤولون أمريكيون وأوروبيون: إن فيلق القدس يقدم أيضا السلاح والمساعدات والتدريب للجماعات المتشددة المؤيدة لإيران في الشرق الاوسط مثل حزب الله وحماس والفصائل الشيعية في العراق.
كما تولى الفيلق تسليح وتدريب القوات الحكومية المشاركة في الحرب الأهلية السورية، بالمخالفة لحظر السلاح الذي تفرضه الأمم المتحدة.
وكانت الولايات المتحدة قد اعتبرت فيلق القدس منظمة مؤيدة للإرهاب في عام 2007. وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على الفيلق عام 2011.
وقال التقرير، إن بنك إيران المركزي له حسابات لدى بنك كونلون المحدود التابع لشركة الصين الوطنية للبترول. وتباشر شركات إيرانية يسيطر عليها فيلق القدس، ومنها شركة اسمها «بامداد كابيتال ديفلوبمنت» تقوم بالتحويلات من هذه الحسابات، إما لكيانات صينية يسيطر عليها الفيلق مباشرة، أو لكيانات صينية يدين لها الفيلق بأموال مثل شركة شنجن لانهاو.
وقال التقرير المؤلف من سبع صفحات: "تباشر قوة القدس التحويلات النقدية من حسابات تابعة لبنك إيران المركزي لدى بنك كونلون، ويتم التحويل لشركات صينية تربطها صلات بفيلق القدس من أجل تلبية احتياجاته المالية."
ولم تستطع رويترز التحقق من صحة ما ورد في التقرير من مصادر أخرى.
وتذكر حركة الأموال الإيرانية لفيلق القدس عن طريق بنك صيني وشركات صينية بمدى صعوبة تنفيذ العقوبات المفروضة على إيران، في وقت تأمل فيه الولايات المتحدة وقوى عالمية أخرى اقتناص اتفاق نووي مع طهران بحلول 24 نوفمبر تشرين الثاني الجاري.
وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية على كونلون عقوبات عام 2012 لمباشرته نشاطا مع إيران وإجراء تحويلات نقدية لكيان مرتبط بالحرس الثوري الإيراني لكن لم يرد حينها أي ذكر لفيلق القدس.
وقال تقرير المخابرات، إنه بمجرد نقل الأموال من كونلون إلى كيانات أخرى يمكن لفيلق القدس استخدامها للقيام بعمليات استحواذ في الصين، ولتمويل كل نشاطاته السرية في دول أخرى. ولا يوضح التقرير كيف يستخدم الفيلق تحويلات بعينها محولة من حسابات بنك إيران المركزي عن طريق كونلون.
ولا يشير التقرير أيضا، إلى أن الحكومة الصينية أو بنك كونلون على دراية بإمكانية استخدام فيلق القدس للتحويلات.
لكن ما ورد في التقرير، يؤكد علاقة طهران الوثيقة اقتصاديا والمعقدة ببكين. وإيران هي ثالث أكبر موردي النفط للصين، مما يجعل الصين أكبر عملاء النفط الإيراني. بكين تختار كونلون
وليس واضحا على وجه الدقة حجم الاموال التي تلقاها فيلق القدس عن طريق بنك كونلون. لكن التقرير قال: إن المبالغ المحولة من البنك المركزي الإيراني إلى كونلون خلال العام الأخير، بلغت مئات الملايين من الدولارات.
ومع تشديد العقوبات الغربية على إيران عام 2012 اختارت بكين كونلون، ليكون بنكها الرئيسي في تولّي سداد مدفوعات النفط لإيران التي تبلغ مليارات الدولارات وحمت بذلك بنوكا أخرى من العقوبات.
وأوضح التقرير السنوي لبنك كونلون أن أصوله بلغت 246.5 مليار يوان (40 مليار دولار) في نهاية عام 2013.
واستهدفت عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية عام 2012 أموالا تحصل عليها إيران مقابل صادرات نفطية بما في ذلك 22 مليار دولار لدى كونلون. غير أنه تم تخفيف القيود على إمكانية استخدام إيران هذه الأموال في نوفمبر تشرين الثاني عام 2013 بموجب اتفاق ثنائي مع الصين تزامن مع التوصل إلى اتفاق مؤقت بشأن الخلاف النووي مع ست قوى عالمية في الشهر نفسه.
ومنح الاتفاق الذي توصلت إليه إيران مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين، طهران إمكانية استخدام عدة مليارات من الدولارات من الأرصدة المجمدة في بنوك في مختلف أنحاء العالم، مقابل تأكيدات أنها ستقلص برنامجها النووي الذي تشك القوى العالمية أنه سيمنحها القدرة على تصنيع سلاح نووي.
ويجتمع مفاوضون من الأطراف السبعة، في فيينا هذا الاسبوع، لمحاولة التوصل إلى اتفاق شامل يحول دون تصنيع إيران سلاحا نوويا، ويرفع العقوبات في نهاية الأمر. والآمال ضعيفة في تحقيق انفراجة في هذا الشأن.
شراء معادن
ولم يرد مسؤولون في بنك كونلون أو شركة الصين الوطنية للبترول، أكبر شركات النفط والغاز في الصين، على طلبات رويترز للتعليق.
وقالت الحكومة الصينية، إن علاقات الصين التجارية مع إيران ودول أخرى لا تمثل انتهاكا للقانون الدولي.
وقال هونج لي المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، في بيان ردا على استفسارات رويترز: "الصين تحتفظ بعلاقات تجارية عادية مع الدول المعنية بما في ذلك إيران. وليس في ذلك انتهاك للقانون الدولي أو قرارات مجلس الامن، وليس فيه إضرار بمصالح الدول الأخرى أو المجتمع الدولي."
وامتنعت بعثة إيران في الامم المتحدة عن التعقيب.
واطلعت رويترز على أمر تحويل مدفوعات تحمل تاريخا في العام الحالي توضح أن شركة «بامداد» تطلب من البنك المركزي الإيراني تحويل 1.45 مليون يورو (1.81 مليون دولار) من حساب لدى بنك كونلون إلى شنجن لانهاو لسداد مبلغ "مرتبط بشراء معادن."
ورغم أنه لم يتضح ما إذا كان فيلق القدس تلقى أي أموال عن طريق هذا التحويل، فقد أوضح فيما يبدو حركة الاموال كما وردت في التقرير.
ويقول التقرير، إن شركات أخرى تباشر تحويلات من حسابات البنك المركزي لدى بنك كونلون وتحصل على أموال من خلالها.
وقال موقع شركة «بامداد» إنها تعمل في تجارة المستحضرات الطبية والمعادن الأساسية. وكان رقم هاتفها في إيران معطلا. ويذكر الموقع عنوانا في محافظة لا وجود لها في إيران.
وقال شخص ورد اسمه في دليل شركة شنجن لانهاو، إنه مديرها العام، إنه لا يعمل بالشركة عندما تم الاتصال به.
أما الشقة التي قال الدليل، إنها عنوان الشركة في المجمع السكني في الضواحي الغربية في شنجن، فتسكنها أسرة، قالت لصحفي من رويترز، إنها لم تسمع من قبل باسم الشركة أو مديرها العام.