تشهد المملكة خلال السنوات القليلة القادمة تحولاً صناعياً كبيراً نظير الاستثمارات الصناعية المتنامية والبنية التحتية والدعم الذي تقدمه الدولة ـ أيدها الله ـ والمتزامن مع الإستراتيجية الصناعية السعودية.
ومن بين أهم المشروعات الداعمة لقيام كيان وركيزة أساسية في الصناعات السعودية مشروعات الصناعات التعدينية التابعة لشركة التعدين العربية السعودية "معادن" والمتوقع بعد اكتمالها ووصولها لطاقتها الإنتاجية القصوى أن تجعل المملكة منتجًا رئيسًا في أسواق الفوسفات والألمنيوم فضلاً عن المعادن الأخرى كالذهب والنحاس والمعادن الصناعية.
وأوضح تقرير رصد أنشطة وخطط وبرامج معادن أن الشركة تستثمر حاليًا أكثر من 85 مليار ريال في 3 مشروعات كبرى للفوسفات والألمنيوم.
ووضعت الشركة منذ تأسيسها خططًا محكمة لاستثمار الثروات والاحتياطات التعدينية الضخمة في الفوسفات والبوكسايت، ووقعت في 2007م اتفاقية شراكة مع شركة الصناعات الأساسية "سابك" لاستثمار احتياطيات الفوسفات في حزم الجلاميد بمنطقة الحدود الشمالية لإنتاج الأسمدة الفوسفاتية، التي وصفها معالي وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي في ذلك الوقت بأنها انطلاقة جديدة لبناء صناعة متكاملة في المملكة، كما وقعت عقداً مع شركة الكوا الأمريكية في عام 2009م لاستثمار خامات البوكسايت في صناعة الألمنيوم.
وتحظى مراحل تطور مشاريع "معادن" في مدينة رأس الخير للصناعات التعدينية بأهمية كبيرة من أجل تحقيق صناعة تعدينية سعودية بمواصفات عالمية ومن ضمن خططها الطموحة في استثمار الثروات التعدينية، وباشرت العمل في مشروعين مهمين الأول مدينة رأس الخير للصناعات التعدينية (حاضنة الصناعات التعدينية) التي تتضمن ميناء ومحطة للإنتاج المزدوج (ماء،كهرباء) وبنية تحتية تشمل سكناً للموظفين والعاملين في رأس الخير، واتصالات وطرق وصرف صحي وغيرها، والمشروع الآخر سكة حديد الشمال التي تربط حاليًا مناطق خامات المعادن كحزم الجلاميد والبعيثة بمدينة رأس الخير ما يحقق النفاذ إلى الأسواق بكل يسر وسهولة.
واستثمرت "معادن" مع "سابك" أكثر من 21 مليار ريال لاستغلال خام الفوسفات في حزم الجلاميد، ويتضمن منجماً للفوسفات بطاقة إنتاجية تبلغ (11.6) مليون طن في السنة ومصنعاً لرفع نسبة تركيز الخام، ويشمل المشروع الواقع في حزم الجلاميد على بنية تحتية صناعية لدعم عمليات التعدين وتركيز الخام، منها محطة للطاقة الكهربائية، ومرافق لإنتاج ومعالجة وتوزيع المياه الصالحة للشرب، والطرق والاتصالات.
ويتبع المشروع مجمعاً لصناعة الأسمدة الفوسفاتية في مدينة رأس الخير ويتم نقل مركزات الفوسفات المعالجة في حزم الجلاميد للمجمع عن طريق سكة الحديد، ويتكون من مصنع حامض الفوسفوريك، ومصنع حامض الكبريتيك، ومصنع الأمونيا، ومصنع الفوسفات ثنائي الأمونيوم (DAP)، ومن المقدر أن تصل طاقته الإنتاجية إلى نحو (2.9) ملايين طن في السنة من حبيبات الفوسفات ثنائي الأمونيوم.
وانطلقت في مارس عام 2011م من ميناء رأس الخير أول شحنة تجارية إلى أسواق شرق آسيا تحمل باكورة إنتاج مجمع معادن للفوسفات من مادة الأمونيا، وبذلك اكتملت سلسلة صناعية من المنجم إلى سكة الحديد والمدينة التعدينية ومجمع الأسمدة إلي الميناء التجاري.
وتعمل الشركة حالياً على توسيع استثمارها في الفوسفات بإضافة مشروع استثمار خامات الفوسفات الموجودة في أم وعال عبر مشروع وعد الشمال وباكتماله ستصبح "معادن" من بين أكبر خمسة منتجين للفوسفات في العالم.
وفي عام 2009م وقعت الشركة عقد شراكة مع شركة الكوا الأمريكية لاستثمار أكثر من 40 مليار ريال في مشروع معادن المتكامل للألمنيوم، وهو مشروع ضخم يبدأ من المنجم في البعيثة في منطقة القصيم ويتألف من منجم لخام البوكسايت ومرافق لتكسير ومناولة الخام وينتج بمعدل سنوي يصل إلى (4) ملايين طن متري.
وكما هو الحال في الفوسفات تنقل المواد بعد معالجتها عبر سكة الحديد إلى مجمع الألمنيوم في رأس الخير ومن هناك تبدأ عملية أحدث الصناعات السعودية الكبرى وهو إنتاج الألمنيوم من مجمع الألمنيوم في رأس الخير المتضمن مصفاة لإنتاج الالومينا بطاقة أولية قدرها 1،800،000 طن متري سنويًا، ومصهر للألمنيوم بطاقة أولية 740.000 طن سنويًا، ومصنع للدرفلة بطاقة إنتاجية تبلغ 380 طن سنويًا، وسيركز مصنع الدرفلة بصورة شاملة على إنتاج الصفائح النهائية والرقائق لإنتاج علب الألمنيوم وهياكل السيارات.
وقد بدأت معادن بإنتاج الألمنيوم لأول مرة في المملكة من المصهر في 12 / 12 / 2012م، وتنتج حاليًا من الخطين الأول والثاني بطاقة إنتاجيه تصل إلى 740 ألف طن سنويا.
كما بدأت الشركة الإنتاج التجريبي لصفائح الألمنيوم الخاصة بصناعة أغطية وعلب الألمنيوم للمشروبات الغازية والأطعمة وغيرها من الصناعات التحويلية الأخرى من مصنع الدرفلة لإمداد أسواق الشرق الأوسط والأسواق العالمية بمادة الألمونيوم الأولوية ومنتجات الألمونيوم.
وفيما يتعلق بالبيئة فقد عملت شركة معادن للألمنيوم على نظام إدارة مياه للصرف الصحي المبتكر ومعالجة المياه المستنفدة الناتجة عن الصرف الصحي الصناعي والذي يقلل من الطلب على المياه بنحو مليوني جالون يومياً.
ويتكون النظام من 3 مراحل تتضمن حاويات معالجة لا هوائية يتم فيها تحلل وفصل المواد العضوية الموجودة في المياه المستنفدة وبرك مبطنة ومنشأة سلبية يستزرع فوقها طبقة من الغطاء النباتي الطبيعي الذي عادة ما ينمو في المستنقعات كما تشاهد في أماكن كثيرة في المنطقة، لتقوم هذه النباتات بنزع النيتروجين وامتصاص العناصر الضارة وبمعالجة إضافية للمواد العضوية ومن ثم تضخ المياه المعالجة إلى غرفة حفظ ليضاف إليها البوكسايت، الذي يقوم بتعقيم وتحسين نوعية الماء الناتج من العملية بحيث يعطي نفس الجودة أو أفضل من تلك التي تعطيها الأنظمة التقليدية، ليعاد تدويره واستعماله عددًا من المرات في العمليات التشغيلية.
وحول الفرص الاستثمارية في مجالات صناعات الألمنيوم التحويلية طرحت معادن العديد من الفرص في هذه المجالات وأصدرت كتيبًا يشتمل على قائمة الفرص المتاحة تم توزيعه على المستثمرين ومن لديهم الرغبة عن طريق الغرف التجارية والهيئة الملكية للجبيل وينبع وهيئة المدن الصناعية وبرنامج التجمعات الصناعية وموقع الشركة الإلكتروني ليتسنى لهم الاطلاع عليها في جميع مناطق المملكة وعلى جميع شرائح المستثمرين.