كتب أحدهم يوما (إن الوقت مناسب لتكون وزارة الإعلام من نصيب المرأة) فرد عليه الآخر: أرشحك. لا تعنيني هنا الوزارة ولا من يتسلمها، ولكن استوقفني وغيري ذاك الرد (أرشحك) التي وجهها رجل لرجل بهدف التقليل من شأنه!، وهذا ليس بالجديد، فكلما أراد أن يقلل أحدهم من شأن الآخر شبهه بالنساء! إشارة إلى الضعف وعدم القدرة على الاحتمال مقارنة بصلابة الرجل. المضحك أنهم يعرفون تماما بأن تلك القوة جسدية فقط، أما قوة الشخصية واحتمال الصعاب فهما يتساويان بها، وفقا لقدرات شخصية ليس للجسد علاقة بها من قريب أو بعيد. والطريف في الموضوع أن من يفعل ذلك قد تجده يتحدث عن أمه وعظمة دورها وقدراتها وكثير من صفاتها في كل وقت، فهل ينسى حينذاك أن أمه وأخته وبناته اللاتي يفاخر بهن هن نساء، ثم لا يتوانى عن تحقيق شعور الانتصار لنفسه على غيره عندما يقلل من قيمة أحدهم بوصفه امرأة! عجيب هذا التناقض. والأعجب أن كل صفة سائدة في المرأة يروج لها الرجال بطريقة مستفزة ومكررة ووقحة. في حين أن النساء لا يبادلْنَهم هذا التقليل من الشأن. لأنهن يدركن أن قوة الرجل في جوانب تضاهيها قوة المرأة في جانب آخر، وهما معا يكملان الصورة النهائية للحياة فإذا غاب أحدهما عن حياة الآخر ظهر النقص في جانب أو جوانب من تلك الحياة، وذلك الغياب قد يتحقق حتى ولو كانا معا تحت سقف واحد كزوج وزوجة أو أب وابنته أو ابن وأمه.. عندما لا يؤدي أحدهما الدور المطلوب، وقد يحدث أن تعير المرأة الرجل عندما يقوم بتصرف يشبه تصرف المرأة الضعيفة التي تفقد الحيلة وتلجأ للبكاء. البكاء فقط؛ تماما كما فعلت عائشة حين قالت لابنها آخر ملوك غرناطة، عندما بكى متحسرا وهو يودع بنظراته مدينته الجميلة: (ابك مثل النساء ملكا مضاعا لم تحافظ عليه مثل الرجال) إنها الحرب والقوة التي تتطلب أن يحمل الرجل سلاحه ويدافع عن أرضه وعن دولة بسقوطها سقط الحكم الإسلامي في الأندلس. فالأمر جلل والبكاء معه وبعده غير مجد. هنا فقط تكون المرأة متشمتة ومقللة من شأن الرجل فتشبهه بالنساء الضعيفات الباكيات، حين لا يجدن في أنفسهن القوة الجسدية التي تعينهن على فعل ما يردن. أما في غير ذلك فهي تبكي وتفعل.. تبكي وتقاوم، وتزداد شحذا لهمتها وقدراتها وحكمتها وحنانها وكل ما منحها العزيز القدير من صفات عقلية وطاقات مخزونة، فإن لم يحترمها بعضهم من الجاحدين وغير المنصفين بل وغير العقلاء فهم في النهاية لا يقدرون صنعة الله.. فالله سبحانه وتعالى حين خلق المرأة لم يخلقها لتكون عالة عليك أيها الرجل، بل خلقها لتتكامل معك من أجل حياة أفضل.. وحده الرجل العاقل الرزين الذي يعي كل أدواره في الحياة بشكل صحيح هو الذي يستطيع أن يستوعب ذلك، وهو أيضا الذي يناله من ذلك السفيه ما يناله من تقليل الشأن ووصفه (بالديوث) وهي صفة قبيحة تجرأ السفهاء على استخدامها مؤخرا نتيجة لعجزهم عن أمرين: الأول - تقويم وإصلاح أحوالهم. والثاني - أنهم زرعوا في نسائهم فكرة النقص وفكرة أنهن قاصرات وهن بالتالي عالة عليهم فيخافهن لا يخاف عليهن، فتعييه متابعتهن وتحقيق رغباتهن التي يجدها في كثير من الأحيان تافهة بالنسبة له!! الديوث هو (الذي يقر الخبث في أهله) والخبث المقصود هو (الزنا) فقط. ونص الحديث يقول: (ثلاثة قد حرم الله تبارك وتعالى عليهم الجنة: مدمن الخمر والعاق والديوث الذي يقر في أهله الخبث)... كل يوم يمر نقرأ ونسمع ما يشبه مدلول ذلك اللفظ يوصف به الرجال، امعانا في تحريضهم على النساء وكأن كل ما تفعله المرأة أو تقوله صورة من صور الخبث الذي عشش في عقول أولئك الذين يلحقون بنا وبالمجتمع الضرر.