الجمال والرقي في الخدمة المقدمة إليك تنسيك كل ما كنت تتذمر منه من قبل. اعتقد أن هذا هو لسان حال كل من يدخل اليوم إلى صالات الفرسان في مطاراتنا بعد أن تذمروا منها طويلاً وقارنوا بينها وبين الصالات المماثلة للخطوط الأخرى في مطارات العالم. اكتب هذا المقال من احدى تلك الصالات في مطار الملك فهد وأنا أردد نعم. هذا هو ما يليق بالخطوط السعودية وبمن يتعامل معها. صالة أنيقة بذوق حديث، راقية وعملية جدا تتوافر فيها الضروريات والكماليات. من الواضح أنهم أولوا عنايتهم لكل التفاصيل التي يحتاجها المسافر؛ مناطق للجلوس مخدومة بكل الاحتياجات الاليكترونية، وأخرى للاسترخاء، دورات مياه أنيقة، وخدمات شخصية لا تختلف عن فنادق النجوم الخمسة. كما كنا نتذمر ونستغرب سابقاً من حقهم علينا اليوم أن نقول شكراً لكم على هذا الارتقاء بالخدمات والتي نعتز بانتسابنا إليها. الإعلانات المصورة لقصص الشباب التي تنشرها صفحة جائزة الإصرار على برنامج تويتر هي قصص رائعة ومميزة للجميع، بغض النظر عن فوز أحدهم أو بعضهم بالجائزة؛ فالجميع يستحق أن يحتفي الناس بحكايات إصرارهم وتحويلهم الملح الأجاج إلى عذب فرات. شباب من الجنسين صبوا كل تركيزهم على قدراتهم، وليس على الظروف المحيطة بهم فكانت كل مرحلة صعبة يمرون بها هي مجرد خطوة انتقالية للأفضل بالنسبة لهم. فعلاً هكذا يكون الإصرار الذي يصنع التحدي. وهذه هي الصور التي يجب أن تملأ شوارعنا ومدارسنا ليتعلم منها الجميع وبخاصة اولئك الذين ضيعوا على أنفسهم فرصاً كثيرة؛ لأنهم لم يستطيعوا أن يلقوا وراء ظهورهم بكل الظروف المحيطة وما بها من عثرات مختلفة وكل ما فعلوه أنهم أتقنوا دور الضحية وامتلأت نفوسهم بلوم الظروف والآخرين فيما يحدث لهم كنوع من التبرير لأنفسهم؛ ولهذا ظلوا يعيشون في دائرة الإحباط نفسها، ودائرة الوهم نفسه، والكذب المستمر على الذات حين يقولون لولا هذا الشخص لكان حالي أفضل، ولولا ذلك الحدث لكنت الآن مميزا وناجحاً!! إن شبابنا بحاجة ماسة للتعرف على تلك النماذج وسماع تجاربهم وبخاصة مع تزايد المتبرعين ببث روح التشاؤم البغيضة.
قصص كثيرة، بعضها لأصحاء وبعضها لذوي الاحتياجات الخاصة وكلها تنبئك بأن لا شيء يعيق الإنسان إذا استخدم بشكل صحيح كل مواصفاته كانسان الناقصة والمكتملة بقيادة من إرادته وعزيمته. إن الانتقال من منسق رفوف إلى مشرف مبيعات اقليمي ليس مجرد تطور وظيفي عادي. وكذلك هو الحال مع سائق الأجرة الذي وصل إلى مهنة أخصائي توظيف باحدى الشركات الكبرى
وأيضاً كذلك أيضاً من كان عاطلاً عن العمل والتعليم لانه مقعد ثم تجاوز كل ذلك ليحمل شهادة ماجستير ويعمل في وظيفة مرموقة. وتلك الأم التي كانت بلا عمل ولا علم ثم اجتهدت وأصرت على النجاح.
أحسب أن هذه النماذج الايجابية الواقعية أبلغ من ألف خطبة يكررها بعضهم في المناسبات الاجتماعية. لانها ليست مجرد وعظ أو ترغيب. ولكنها حكايات واقعية للإصرار والتحدي؛ تحدٍ للذات قبل أي شيء آخر. هؤلاء هم الذين صموا آذانهم عن صوت محاولات تحبيط الهمم التي يمارسها بعضنا بكل شراهة. كل أولئك فائزون، حتى وإن تفرد أحدهم بالجائزة. هؤلاء هم الذين على شبابنا أن يتعلموا منهم فن صناعة الحياة بلا حواجز ولا عثرات. * كاتبة