كان اللقاء على ضفاف احداث عصر ينزف..!!
قال.. ان انسان هذا العصر.. انسان موغل في حزنه متدثر بعذاباته!!
قلت.. وماذا تنتظر من انسان يستيقظ كل يوم على اصوات المدافع والرشاشات وصور الموتى التي تلقي بظلالها على الاشياء.
قال.. ولكن هذا لا يعطيه مبررا ليعيش موغلا في الحزن هاربا من الواقع معلنا هزيمته عن مجابهة الأحداث!!
قلت.. انسان هذا العصر معذور لأنه يضطر كل يوم لأن يصطدم بأحداث ضارية تجعله يدور ضمن دائرة الحدث فلا يستطيع لنفسه خلاصا.. لا ينتصر فيكون الباسل الشجاع ولا يخسر الجولة.. ويعلن هزيمته.
بل غالبا ما ينسحب مثقلا باحباطات موجعة تجعله يصر على ان يوغل هربا منها.. ويغرق في طقوس من الضياع واللامبالاة اعتقادا منه انه يخفف من وطأة الواقع عليه او انه قد يلتقي ملامح نفسه المنطمسة في لجة الحدث.
قال.. وماذا بعد ذلك؟
قلت.. ماذا تعني؟!
قال.. هل التقى نفسه..؟!! أم هل استطاع ان يخفف قسوة الواقع ويصالح الأحداث.. الم يدرك بعد ان الهرب.. ما هو الا عجز.. يستنزف حياته.. وانه لايبرح.. تجرع مرارة الزمن المر!!
قلت.. لا تقلق.. فان لأدوات الهروب وسائل تبتكر البدائل للهروب من الهزيمة!!
قال.. عذرا.. لا استطيع الاستمرار في مناقشة موضوع انسان مسكون بهاجس الهروب.. مطأطىء رأسه ينتظر انتصار زمن اليأس عليه!!
قلت.. وما الضير في الهروب مادام ينسينا الهزيمة؟!
قال.. وداعا..
واختفى.
وبقيت افكر في ماهية كلماتي الأخيرة التي أردت بها لصاحبي ان يفقد اتزانه فتوهت بها لعلي انتصر.. فهل انتصرت لا اعتقد!!
ففي قرارة نفسي لا أؤمن بأن الهروب يلغي الهزيمة.. التي تترك وراءها وجعا لا يفتأا.. ومراراة لا تنتهي.. لقد كانت كلماته صوابا لا تقبل الجدل.. ولكني جنحت الى التبرير والمغالطة لانتصر. لاني لم اكن سوى هارب من هزيمة!1
نسيمة عبدالله