رعى صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز نائب وزير الخارجية رئيس مجلس إدارة مكتبة الملك عبدالعزيز العامة رئيس مجلس أمناء جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة مساء اليوم حفل تسليم الجائزة للفائزين في دورتها السابعة الذي أقيم بمقر منظمة الأمم المتحدة في جنيف, بحضور معالي وزير الدولة للشؤون الاقتصادية والتعليم والبحث في سويسرا ماورو دل أمبروقيو ، والأمينِ العام للمؤتمرِ الدَّوْليِّ الدائمِ للمعاهد الجامعية لإعداد المترجمين التحريريين والفوريين البرفيسور مارتن فورستنر ، ومندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف السفير فيصل بن حسن طراد ، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى سويسرا وليختنشتاين حازم بن محمد كركتلي وعدد من المسؤولين السويسريين والمثقفين العرب.
وألقى سمو الأمير عبدالعزيز بن عبدالله كلمة خلال الحفل قال فيها : من قلب جزيرة العرب ومن منطلق الإشعاع الإنساني أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - جائزته العالمية للترجمة وأحاطها بالرعاية والمتابعة إيماناً منه بأهميتها الحضارية والثقافية والعلمية في تحقيق التواصل بين شعوب العالم ونحن اليوم نحتفل بميلادها السابع فتية في عالم الثقافة والمعرفة.
وعبر سموه عن سعادته بتزامن حفل تسليم جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة مع انعقاد المؤتمر الدولي الدائم للمعاهد الجامعية لإعداد المترجمين (SIUTI) وفي رحاب مقر منظمة الأمم المتحدة بجنيف, مشيراً إلى أن الترجمة ليست مجرد نقل فكري من لغة لأخرى ومن شعب لشعب بل هي عمل معرفي ثقافي وحضاري كبير ينقل روح الشعوب وحضارتها لتصبح مشتركاً إنسانياً يشمل معارفها وعلومها وإبداعاتها وعواطف ومشاعرها ومنعطفات فكرها.
واستطرد سموه أنه إيماناً من المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - بتعزيز هذه القيم الإنسانية الرفيعة جاءت هذه الجائزة وشكلت انطلاقة في طريق تشجيع العمل الثقافي والعلمي بعامة وحركة الترجمة العالمية بخاصة ، وفق أسس مبنية على الأصالة والقيمة الفكرية والعلمية والأدبية ، وعبر السنوات السبع الماضية من عمر الجائزة ازدادت تألقاً وحضوراً في ساحات الترجمة والثقافة مؤكداً أن هذا الحراك العلمي تعزيز لدور المعرفة وإثراء للفكر الإنساني المتبادل ودفع لثقافة الحوار والسلام عبر الحدود وهي أركان أساسية في رؤية المملكة العربية السعودية وقياداتها الرشيدة وما هذه الجائزة إلا وسيلة من وسائل تعزيز حوار حول الحضارات أمام دعاوى صدامها ودعم للوسطية والاعتدال في مواجهة الغلو والتطرف وتقبل الآخر دون رفضه أو إقصائه والتعايش والسلام في وجه الإرهاب الذي لا ينتمي لشعب ولا لأرض ولا لدين ولا لثقافة.
وأعرب سمو نائب وزير الخارجية عن ثقته بأن جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة خطوة ولبنة في هذا الطريق الذي يحقق السلام والتعايش والخير لكافة الشعوب مهيباً بأصحاب الفكر القلم من الكتاب والصحفيين الإطلاع على ثقافة الآخر وقيمه من خلال مصادر المعرفة الحقة حتى لا تكون أحكامهم ومواقفهم مبنية على معلومات منقوصة أو مغلوطة.
ودعا سموه المبدعين والمثقفين أفراداً ومؤسسات إلى التركيز على المشترك الإنساني مبيناً أن العبء الأكبر في ذلك يقع على النخبة الثقافية في ظل الأوضاع المتوترة في بقاع مختلفة من كوكبنا.
ورفع سمو الأمير عبدالعزيز بن عبدالله في كلمته أسمى آيات الشكر والعرفان لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - على رعايته الكريمة للجائزة وتشجيعه الدائم لمبدعي المنجز الثقافي داخل المملكة وعلى المستوى العالمي ، كما عبر سموه لشكره لرئاسة المؤتمر الدولي للترجمة وأمانته العامة على استضافة حفل تسليم الجائزة للفائزين ضمن برنامج المؤتمر ولهيئة الأمم المتحدة على ترحيبها باستضافة الحفل في مقرها بجنيف ، وكذلك الشكر لسفير خادم الحرمين الشريفين في سويسرا والمندوب الدائم لوفد المملكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة في جنيف ولجميع العاملين في أمانة الجائزة ومكتبة الملك عبدالعزيز العامة.
وهنأ سمو نائب وزير الخارجية في ختام كلمته الفائزين بالجائزة في دورتها السابعة ولكل المؤسسات الثقافية والباحثين والمؤلفين الذين تواصلوا مع الجائزة داعياً جميع العاملين والمهتمين في حقل الترجمة للتواصل مع القائمين عليها لمزيد من إثرائها وتوسيع نشاطها.
عقب ذلك ألقى معالي وزير الدولة للشؤون الاقتصادية والتعليم والبحث في سويسرا ماورو دل أمبروقيو كلمة شكر فيها القائمين على هذه الجائزة التي تحمل رسالة الانفتاح والسلام من خلال أهدافها النبيلة في تعزيز التواصل بين الثقافات مؤكداً أن سويسرا تهتم بالبحوث العلمية واللغات وهي منفتحة عالمياً.
بدوره ألقى الأمينِ العام للمؤتمرِ الدَّوْليِّ الدائمِ للمَعَاهدِ الجامعيةِ لإعدادِ المترجمينَ التحريريينَ البرفيسور مارتن فورستنر كلمة بهذه المناسبة رحب خلالها بحضور حفل توزيع جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة في مقر الأمم المتحدة بجنيف مؤكداً أن العالم قد تحول إلى مجتمع اتصال وتواصل من الأقصى إلى الأدنى وأن اللغة الإنجليزية تعد اللغة الأولى في التواصل عبر دول العالم مشيراً إلى أنه توجد لغات لا تقل عن اللغة الإنجليزية شأناً في أداء هذه الوظيفة ومنها على سبيل المثال اللغة العربية والإسبانية والصينية والفرنسية.
وأكد فورستنر أنه لا يمكن الاستغناء عن الترجمة لقلة من يجيد جميع لغات العالم ويتحدث بها لافتاً الإنتباه إلى أن الأمر لا يقتصر على دراسة اللغات لاكتساب الكفاءة اللغوية بل تحقيق ما هو أكثر من ذلك وأعني الكفاءة الترجمية التي يجب تلقينها لدارسي الترجمة استناداً على المناهج والبرامج العلمية الحديثة.
وأشار إلى أن الترجمة لا تعد نقلاً من لغة إلى لغة أخرى فقط بل يجب أن يكون هذا النقل من ثقافة إلى أخرى ولا يأتي ذلك إلا نتيجة التخطيط.
وبين أنه تمت الموافقة على إنشاء هذه الجائزة اقتناعاً من القائمين عليها بأهمية الدور التي تؤديه الترجمة ودراستها في هذا العصر.
وألقى معالي المشرف العام على مكتبة الملك عبدالعزيز العامة عضو مجلس أمناء جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة الأستاذ فيصل بن عبدالرحمن بن معمر من جانبه كلمة رحب فيها بالمشاركين في حفل تكريم الفائزين بالجائزة في دورتها السابعة معرباً عن شكره لرئيس وأمانة المؤتمر الدولي للترجمة البروفيسور فرانك بيترز على الإسهام بالمشاركة في حفل تسليم الجائزة.
وأعرب معاليه عن تهانيه للفائزين في الجائزة متمنياً لهم دوام التوفيق والنجاح والمضي قدماً في أداء هذه الرسالة الثقافية الرفيعة مؤكداً عالمية رسالة الترجمة والأبعاد المعرفية التي تحملها إلى كل أرجاء الأرض.
واستعرض بن معمر نماذج من جهود مكتبة الملك عبدالعزيز العامة منذ إنشائها قبل أكثر من 28 عاماً وإسهاماتها الثقافية ومشاريعها التثقيفية والتنويرية التي تنبثق من أهمية الكتب والمكتبات في صياغة الفكر الإنساني حيث تقوم بإعداد الفهرس العربي الموحد الذي يخدم جميع المكتبات العربية وتقدم برنامج القراءة للجميع وموسوعة المملكة العربية السعودية الشاملة والمكتبة العربية الرقمية والمشروع الثقافي الوطني لتجديد الصلة بالكتاب وغيرها من البرامج والمشاريع الثقافية الرائدة وعلى رأسها جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة.
وأضاف أن المكتبة وهي تقدم هذه الجائزة العالمية إنما تقدمها انطلاقاً من هذه الأبعاد المعرفية العالمية التي تؤسس قيم التواصل والحوار الإنساني وتطل بشكل عملي ملموس على كل ما تنتجه الإنسانية من معارف وعلوم وثقافات وفلسفات وآداب وفنون لأن الترجمة هي الجسر الحاضن لنتاج الفكر الإنساني من جهة وهي أيضاً الجسر الموصل لهذا النتاج في مختلف أرجاء العالم من جهة أخرى.
وأشار إلى أن الترجمة والمعرفة هي لسان الأمم المتعدد الثرى المتنوع مؤكداً أن المملكة العربية السعودية مركز العالم الإسلامي وقبلته بكل ثقافاته وحضاراته تسعى دائماً إلى تعميق مجالات الترجمة إثرائها بما يتناسب وحاجات الأمم والشعوب إلى تفعيل الترجمة وخاصة في المجال العلمي والتقني مؤكداً أن الاحتفال بتسليم الجائزة للفائزين والذي يتجدد كل عام يعزز كل القيم النبيلة للمعرفة والتي تتجدد مع المبدعين في كل وقت لتصبح أفقاً فعلياً للتقريب بين الثقافات وتسهم في تضييق الفجوة بين الثقافات العالمية كما أن هذا التواصل بين الحضارات هو أفضل وسيلة لمكافحة الإرهابيين والمتطرفين في كل مكان.
وتطرق بن معمر إلى تأثير الترجمة بوصفها النافذة الأكثر حراكاً في عالم اليوم وفي حقب تاريخية ماضية في تلاقح الثقافات وانتقال الخبرات والمعارف مدللاً على ذلك بالتأثير الكبير لترجمة أعمال أرسطو وبن رشد وبن خلدون والرازي وبن الهيثم وابن سيناء وترجمة معاني القرآن الكريم وعيون الأدب العربي وصولاً إلى العصر الحديث وازدهار حركة الترجمة وتعاظم تأثيرها مؤكداً أن جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة حلقة مهمة في فتح آفاق المعرفة الإنسانية وإسهاماً من المملكة العربية السعودية وقياداتها في مسيرة التعارف والتعايش بين الشعوب.
واستعرض معاليه مسيرة الجائزة منذ انطلاقها قبل 7 سنوات تبوأت خلالها مكانة رفيعة في صدارة الجوائز الدولية المعنية بالترجمة وتنقلت خلال هذه المسيرة بين عدد من عواصم العالم ومدنه الكبرى احتفاءً بالمكرمين الفائزين بها وصولاً إلى الدورة السابعة التي تنافس على الفوز بجوائزها 145 مرشحاً من 18 دولة و13 لغة نال شرف الفوز منهم 15 فائزاً ينتمون إلى 11 دولة دون أدنى تمييز بين منتج علمي أو فكري أو إبداعي إلا وفق مقياس القيمة العلمية والمعرفية حيث تم إضافة الفائزين إلى سجل الجائزة الشرفي تقديراً لما قدموه لخدمة العلم والمعرفة كما احتفى بمن سبقهم من الفائزين ليصل عدد المكرمين على مدى سبع سنوات إلى 90 فائزاً وفائزة كما بلغت حصيلة الأعمال التي تقدمت منذ تأسيسها حوالي 1041 عملاً تمثل 38 لغة من 45 دولة وقد لاحظنا تصاعداً مستمراً في عدد المتقدمين لنيل الجائزة عام بعد عام.
وقال معاليه لقد استثمرت المملكة العربية السعودية في مجالات العلم والمعرفة استثماراً هائلاً حيث تبلغ الميزانية المخصصة للتعليم العام والجامعي حوالي 45% من ميزانية الدولة كما تقوم المملكة بوضع برنامج شامل لإيفاد الطلبة والباحثين إلى جميع أنحاء العالم حيث يبلغ عدد الطلبة المبتعثين من الجنسين حوالي 250 ألف مبتعث في أكثر من 14 دولة كما قامت المملكة باستثمار هائل في تعليم المرأة السعودية حيث بلغ عدد الحاصلين على شهادات جامعية أكثر من 52% من إجمالي الطلبة في المملكة.
ورفع بن معمر في ختام كلمته أسمى آيات الشكر والتقدير لمقام خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله ـ على رعايته الكريمة واهتمامه الشخصي ومتابعته الدائمة لمسيرة الثقافة ورعاية المثقفين موصلاً شكره لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز رئيس مجلس إدارة المكتبة ورئيس مجلس أمناء الجائزة لرعايته حفل تسليم الجائزة ودعمه لأنشطة المكتبة وللقائمين على المؤتمر الدولي للترجمة ولسفير خادم الحرمين الشريفين في سويسرا والمندوب الدائم لوفد المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف ولجميع الذين أسهموا في أنشطة الجائزة وأعمالها ترشيحاً وتحكيماً وحضوراً ومشاركة.
عقب ذلك جرى توزيع الجوائز على الفائزين حيث قدم أمين جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة الدكتور سعيد السعيد أسماء الفائزين بالجائزة مع شرح عن لجان التحكيم لتحقيق الموضوعية والتزامها في جميع مراحل تحكيمها العلمي بالمعايير المعتمدة في لائحتها من حيث جودة النص وحسن اختيار الموضوع والدقة والأمانة العلمية واحترام حقوق الملكية الفكرية بما يتناسب مع مكانة الجائزة ورسالتها العلمية نحو تفعيل موضوعي لحوار بناء بين الثقافات العالمية ونقل للمعرفة الأصيلة بين اللغات حيث تقرر منح الجائزة في مجال جهود المؤسسات والهيئات مناصفة للمركز القومي للترجمة بجمهورية مصر العربية والمجمع التونسي للعلوم والآداب.
فيما نال الجائزة في مجال ترجمة العلوم الطبيعية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية الدكتور مروان جبر الوزرة والدكتور حسان سلمان لايقة عن ترجمتهما لكتاب (طب الكوارث .. المبادئ الشاملة والممارسات) من اللغة الإنجليزية إلى العربية مناصفة مع الدكتور سليم مسعودي والدكتور عبدالسلام اليغفوري والدكتورة سامية شعلال عن ترجمتهم لكتاب (التحليل الدالي .. دراسة نظريات وتطبيقات من اللغة الفرنسية إلى العربية).
وتوج بالجائزة في مجال ترجمة العلوم الإنسانية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية الدكتور مصطفى محمد قاسم عن ترجمته لكتاب (مأساة سياسة القوى العظمى) من اللغة الإنجليزية والدكتور بسام بركة عن ترجمته لكتاب (فلسفة اللغة من الفرنسية إلى العربية) والدكتور عبدالعزيز عبدالله البريثن عن ترجمته (موسوعة اضطرابات طيف التوحد) من اللغة الإنجليزية إلى العربية.
وفي مجال ترجمة العلوم الإنسانية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى حصل الدكتور صالح ضحوي العنزي - رحمه الله - بالجائزة عن ترجمته لكتاب (تاريخ المملكة العربية السعودية) لمؤلفه عبدالله العثيمين إلى اللغة الفرنسية مناصفة مع كل من الدكتور بيتر آدامسون والدكتور بيتر بورمان عن ترجمتهما لكتاب (الرسائل الفلسفية للكندي) لمؤلفه أبو يوسف يعقوب بن اسحق الكندي إلى اللغة الإنجليزية.
وجيرت الجائزة في مجال جهود الأفراد كل من البروفيسور تشوي وي ليه ويعمل بجامعة شنغهاي بجمهورية الصين تقديراً لجهوده في نقل الثقافة الإسلامية والعربية إلى اللغة الصينية عبر ترجمة العديد من الأعمال منها ختم القرآن الكريم وصحيح البخاري وتحرير المعجم العربي - الصيني الميسر مناصفة مع البروفيسورة السويسرية هانا لورا لي يانكا التي تتولى منصب الرئيس الفخري للمؤتمر الدولي الدائم للمعاهد الجامعية للمترجمين تقديرًا لجهودها في تطوير دراسات الترجمة وتدريب وتأهيل المترجمين.
وأقر مجلس أمناء الجائزة حجب الجائزة في مجال ترجمة العلوم الطبيعية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى لعدم ورود أي أعمال تنطبق عليها معايير الترشح للجائزة.