يواجه الاتحاد الأوروبي خيارات صعبة ودقيقة في التعامل مع اليونان بعد التغيير الحكومي المسجل في هذا البلد، وإعلان الحكومة الجديدة في أثينا عزمها إعادة التفاوض مع الدائنين لإدارة ديون البلاد الضخمة والتي تناهز حالياً 170 في المائة من صافي الناتج المحلي، وفيما بدأ المسئولون اليونانيون الجدد اتصالات مباشرة مع شركاء اليونان في الاتحاد الأوروبي للبحث عن تسوية مقبولة بين الطرفين، بدأت المؤسسات الأوروبية في التفكير في حلول عملية للتجنب أزمة قد تصيب أداء الاتحاد الأوروبي في العمق, وأعلن الرئيس الأميركي أن اليونان لن تحقق نهوضاً اقتصادياً قوياً ما لم تخفف السلطات إجراءات التقشف، كما أنه "لا يمكن الاستمرار في استنزاف دول تشهد تدهوراً اقتصادياً". ويتمثل الهاجس الرئيس لدول الاتحاد حالياً في أن تحذو دول أخرى حذو اليونان، وتطالب بمراجعة آلية تسديد ديونها أولاً وثانياً من مخاطر ظهور تحالف بين دول الجنوب الأوروبي ضد دول الشمال بزعامة ألمانيا.
وتقود فرنسا حالياً جهوداً للوساطة بين اليونان والاتحاد الأوروبي، حيث أجرى وزير الخزانة اليوناني يانيس فاروفاتيس محادثات في باريس قبل وصول رئيس الحكومة اليونانية الجديد الكسي تسيبراس للعاصمة البلجيكية. ووفق مصادر أوروبية تتجه فرنسا للقيام بوساطة بين أثينا وبرلين وتجنيب منطقة اليورو تصدعاً خطيراً في حال رفض اليونان تسديد ديونها بشكل تام.
وأجرى رئيس الحكومة اليساري اليوناني الجديد الكسيس تسيبراس محادثات في قبرص أمس، في أول زيارة له إلى الخارج يتفقد خلالها الدولة الحليفة لبلاده والتي تعاني أيضا من أزمة الديون في منطقة اليورو.
والتقى ستيبراس الرئيس القبرصي نيكوس اناستاسيادس في العاصمة نيقوسيا. وفي تصريح مقتضب خلال مراسم الاستقبال في القصر الرئاسي، شدد تسيبراس على العلاقات الوثيقة التي تربط بين البلدين. وقال تسيبراس إن "قبرص دائما في أذهاننا".
وجدد تسيبراس دعم قبرص، قائلاً: إن "وجودي هنا دليل على أن قبرص وجهودكم من أجل حل دائم للمسألة القبرصية يشكل أولوية بالنسبة لنا وكذلك الأمر بالنسبة إلى دعمنا لهذا الملف". من جهته، أجرى وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس محادثات أمس، مع نظيره البريطاني جورج اوزبورن لكسب دعم من أجل إعادة التفاوض في خطة إنقاذ اليونان وهو ما تعترض عليه ألمانيا. في السياق، أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما في مقابلة بثتها شبكة "سي ان ان" أن اليونان لن تحقق نهوضاً اقتصادياً قوياً، ما لم تخفف السلطات إجراءات التقشف. وقال أوباما في برنامج "فريد زكريا جي بي اس" إنه "لا يمكن الاستمرار في استنزاف دول تشهد تدهوراً اقتصادياً"، وذلك تعليقاً على الأزمة في اليونان.
وقال أوباما: "لا يمكن الاستمرار في استنزاف دول تشهد تأزماً" في وقت تثير الحكومة اليونانية الجديدة قلق دائنيها بإعلانها عزمها على التفاوض مجدداً حول الدين.
وأضاف: "في مرحلة معينة، لا بد من استراتيجية نمو للتمكن من سداد الديون من أجل التخلص من بعض العجز". وأشار إلى أن اليونان "بحاجة ماسة" لإصلاحات، لكنه حذر من صعوبة تطبيق أي تغييرات جذرية في اقتصاد يعاني من صعوبات. وتابع أوباما، أنه يأمل بأن تظل اليونان في منطقة اليورو لكنه حذر بأن ذلك سيتطلب "تسوية من كل الجهات" وأشار إلى أن الأسواق المالية يمكن أن تشهد بلبلة .
وقال: "هناك إقرار من قبل ألمانيا وغيرها من الدول بأنه من الأفضل أن تكون اليونان داخل منطقة اليورو ومن الواضح أن الأسواق ستشهد بعض التوتر". كما أبدى أوباما قلقه حيال نسبة النمو الضعيفة في أوروبا، قائلاً: إن "الحذر المالي ضروري والإصلاحات البنيوية ضرورية في كثير من هذه الدول. لكن ما تعلمناه من تجربتنا في الولايات المتحدة (...) أن السبيل الأفضل لتقليص العجز واستعادة المتانة المالية يكمن في تحقيق النمو". وأضاف: "حين يتراجع اقتصاد في شكل مستمر، ينبغي وجود استراتيجية نمو وليس فقط (بذل) جهود لمزيد من استنزاف شعب يعاني أكثر فأكثر".
وأشار بيان صدر عن البيت الأبيض إلى أن "الولايات المتحدة تتطلع بصفتها صديق وحليف طويل الأمد إلى العمل مع الحكومة اليونانية الجديدة من أجل مساعدتها في العودة إلى طريق الازدهار طويل الأمد".
كما تعهد أوباما بوضع حد لما أسماه البيت الأبيض بـ «الأزمات المفتعلة والتقشف بدون تمييز» الناجم عن الاقتطاعات التلقائية. ومن المقرر أن يكشف أوباما، الإثنين، عن مشروع جديد للموازنة سيتضمن خططاً لزيادة نفقات الحكومة مما يشكل تحدياً للجمهوريين الذين يسيطرون على مجلسي الكونغرس.