أعلنت السلطات الأردنية أنها أعدمت شنقاً فجر أمس، الانتحارية العراقية ساجدة الريشاوي التي كان تنظيم داعش طالب بإطلاق سراحها، والعراقي زياد الكربولي المنتمي للقاعدة، غداة إعلان التنظيم إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقاً حتى الموت، وأدانت المملكة جريمة داعش، وجددت عزمها وتصميمها في المضي قدماً في محاربة هذا الفكر الضال وكافة التنظيمات المتطرفة التي تقف وراءه، وتسعى إلى الفساد في الأرض وتشويه قيم الإسلام الحنيف ومبادئه السمحة، وقطع عاهل الأردن الملك عبدالله الثاني زيارته للولايات المتحدة، مؤكداً أن الكساسبة "قضى دفاعاً عن عقيدته ووطنه وأمته" وداعياً الأردنيين إلى "الوقوف صفاً واحداً". وأثار إعدام الطيار حرقاً ردود فعل دولية وعربية وإدانات واسعة من قبل الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية وإنسانية، وسارع الرئيسان الأميركي باراك أوباما، والفرنسي فرنسوا هولاند، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، إلى إدانة هذا الفعل، معتبرين إياه عملاً "همجياً" و"فعلة دنيئة" ودليلاً على "وحشية" التنظيم الجهادي, وشنت طائرات سلاح الجو الأردني وطائرات التحالف الدولي هجوماً عنيفاً وغير مسبوق على معاقل تنظيم 'داعش' الإرهابي في منطقة 'الرقة'. الرد بالإعدام
وفي التفاصيل، قالت وزارة الداخلية الأردنية، في بيان إنه "تم فجر الأربعاء، تنفيذ حكم الإعدام شنقاً بحق المجرمة ساجدة مبارك عطروز الريشاوي (...) كما تم تنفيذ حكم الإعدام شنقاً حتى الموت بحق المجرم زياد خلف رجه الكربولي".
وأوضح البيان أن "تنفيذ حكم الإعدام بالمجرمين تم بحضور المعنيين كافة وفقاً لأحكام القانون"، مؤكدة أن "هذه الأحكام قد استوفت جميع الإجراءات المنصوص عليها في القانون".
وقال المصدر طالباً عدم كشف هويته: "تم في الساعة الرابعة من فجر الأربعاء، إعدام كل من: ساجدة الريشاوي وزياد الكربولي".
وأضاف أنه "تم تنفيذ حكم الإعدام بحضور اللجنة المعنية، ومفتي سجن سواقة لم يطلب من أي من الريشاوي أو الكربولي إن كان لديهما أي وصايا".
وأوضح المصدر أنه "تم نقل الجثتين إلى المركز الوطني للطب الشرعي بهدف تسليمهما إلى الجهات المعنية لإكرامهما بالدفن وحسب الأصول".
والريشاوي هي انتحارية عراقية شاركت في تفجير ثلاثة فنادق في عمان عام 2005، وكان تنظيم داعش طالب بإطلاق سراحها مقابل إفراجه عن الصحافي الياباني كينجي غوتو الذي عاد وأعدمه.
إلا أن الأردن الذي حكم على الريشاوي بالإعدام في 21 أيلول/سبتمبر 2006 من دون أن ينفذ هذا الحكم، كان يصر على أن إطلاق سراح الريشاوي يكون مقابل إطلاق سراح الكساسبة.
أما الكربولي المتهم بالانتماء لتنظيم القاعدة فقد اعتقلته القوات الأردنية في مايو 2006 وقضت محكمة أمن الدولة في الخامس من مارس 2007 بإعدامه، ولكن الحكم لم ينفذ حتى الآن.
واعترف الكربولي في شريط بثه التلفزيون الأردني في أيار/مايو 2006 أنه قتل سائقاً أردنياً في العراق، واستهدف مصالح أردنية.
أوباما يلتقي عاهل الأردن
والتقى الرئيس الأميركي باراك أوباما ملك الأردن في البيت الأبيض، قبل أن يقطع زيارته التي يقوم بها إلى واشنطن، وأعرب الرئيس الأمريكي خلال اللقاء عن "تعازيه الحارة للملك والشعب الأردني، وتأثره البالغ بالحدث، مؤكدا وقوفه والشعب الأمريكي إلى جانب الأردن وقيادته وشعبه ودعمه في هذه الظروف الصعبة". وقرر عاهل الأردن الملك عبدالله الثاني قطع زيارته للولايات المتحدة التي توجه إليها، الإثنين، مؤكدا أن الكساسبة "قضى دفاعا عن عقيدته ووطنه وأمته" وداعيا الأردنيين إلى "الوقوف صفاً واحداً".
وأكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في كلمة مقتضبة موجهة للشعب الأردني بعد جريمة قتل الطيار معاذ الكساسبة حرقاً وهو على قيد الحياة من قبل تنظيم داعش، على وجوب الوقوف صفاً واحداً لمواجهة الشدائد والمحن. ولفت إلى أن المحن والصعاب لن تزيد الشعب الأردني الأصيل إلا عزيمة وقوة.
وعبر عن حزنه وغضبه لإعدام الكساسبة، واصفاً إياه بالشهيد البطل الذي قتل دفاعاً عن عقيدته وبلده. ووصف داعش بالتنظيم الإرهابي الجبان، وبالزمرة المجرمة الضالة التي لا تمت للدين الإسلامي الحنيف بصلة.
وعبر عن تضامنه مع أسرة الطيار قائلاً:" نقف مع أسرة الشهيد البطل ومع شعبنا وقواتنا المسلحة في هذا المصاب الذي هو مصاب الأردنيين والأردنيات جميعاً." وشدد على أنه من واجب جميع أبناء الأردن الوقوف صفاً واحداً وإظهار معدن الشعب الأردني الأصيل في مواجهة الشدائد والمحن التي لن تزيده سوى قوة ومناعة.
المملكة تدين
ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن مصدر مسؤول قوله: بكل الأسى والحزن والغضب تابعت المملكة العربية السعودية الجريمة الوحشية البشعة التي اقترفها التنظيم الإرهابي داعش بحق الشهيد الطيار العربي الأردني المسلم معاذ الكساسبة في عمل بربري جبان لا تقره مبادئ الإسلام الحنيفة المنصوص عليها في كتاب الله وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولا يمكن أن يقدم على ارتكابه إلا ألد أعداء الإسلام.
وقال : إن حكومة المملكة العربية السعودية، وإذ تعبر عن موقفها هذا، لتؤكد مجدداً على عزمها وتصميمها في المضي قدماً في محاربة هذا الفكر الضال وكافة التنظيمات المتطرفة التي تقف وراءه وتسعى إلى الفساد في الأرض وتشويه قيم الإسلام الحنيف ومبادئه السمحة وتحث المجتمع الدولي على تكثيف جهوده في مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره وأياً كان مصدره أو الجهات التي تقف وراءه لاستئصاله من جذوره، وترفع أكف الضراعة إلى المولى عز وجل أن يتغمد الشهيد الكساسبة بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته، كما تتقدم المملكة لأسرة الشهيد ولجلالة ملك المملكة الأردنية الهاشمية وحكومته وشعب الأردن الشقيق بخالص العزاء والمواساة.
الخليج:جريمة بشعة
وأدانت دول مجلس التعاون الخليجي "الجريمة الوحشية التي ارتكبها تنظيم داعش الإرهابي بإعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة"، معتبرة أنها "لا تمت بصلة للقيم الإنسانية والدينية وبالأخلاق والشهامة العربية الأصيلة" .
وقال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف بن راشد الزياني في بيان، أمس: إن "هذه الجريمة البشعة تعبر بوضوح عن استهتار
هؤلاء القتلة الإرهابيين بكل القيم الإنسانية النبيلة" ، مؤكداً "وقوف دول مجلس التعاون إلى جانب المملكة الأردنية الهاشمية في كل ما يدعم أمنها واستقرارها".
وأكد الزياني "أن هذه الجريمة النكراء سوف تزيد من إصرار وعزم الجميع على محاربة هذا التنظيم الإرهابي المتطرف".
وعبر الأمين العام لمجلس التعاون "عن تعاطفه الشديد مع أسرة الشهيد معاذ الكساسبة الذي قضى دفاعا عن وطنه وأمته"، معربا "عن تعازيه الحارة لذوي
الشهيد وللحكومة والشعب الأردني الشقيق ولضباط وأفراد الجيش العربي الأردني الأبطال".
استنكار عالمي
كما دانت اليابان عملية الإعدام، وقال رئيس الوزراء شينزو آبي ان "ما حصل لا يغتفر، إنها فعلة دنيئة وأنا أدينها بقوة".
ودان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند "الاغتيال الهمجي" للطيار، معرباً عن "تعازيه إلى عائلته والشعب الأردني". كما دان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إعدام الطيار، معلناً مساندة بلاده للأردن "فى مواجهة تنظيم همجى جبان يُخالف كافة الشرائع السماوية"
من جهته، دان أمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح هذا "العمل الإجرامي"، وقال في برقية تعزية بعث بها إلى العاهل الأردني: إن "هذا العمل الإرهابي والشنيع يتنافى مع كافة الأديان والشرائع السماوية ومع القيم والأعراف".
من جانبه، دان وزير خارجية الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان "الجريمة البربرية البشعة والمقززة التي اقترفها التنظيم الإرهابي "داعش" بحق الشهيد الطيار"، مؤكداً في تصريحات أوردتها وكالة أنباء الإمارات، أن "هذه الجريمة النكراء والفعل الفاحش يمثل تصعيداً وحشياً من جماعة إرهابية انكشفت مآربها واتضحت أهدافها الشريرة".
ودان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قيام "داعش" بقتل الطيار الأردني، معتبراً أنه "عمل مروع".
وأعرب بان كما قال المتحدث باسمه عن "تضامنه مع الحكومة والشعب الأردنيين"، وحض على "مضاعفة الجهود لمكافحة الإرهاب والتطرف". وأضاف المتحدث أن "الأمين العام يبدي تعاطفه مع أسرة وأقرباء" الطيار معاذ الكساسبة "وهو يشاركهم الحداد ويعرب عن تضامنه مع الحكومة والشعب الأردنيين عبر التنديد بهذا العمل المروع".
وحض بأن "جميع الحكومات على مضاعفة جهودها لمكافحة آفة الإرهاب والتطرف ضمن حدود واجباتها لجهة احترام حقوق الإنسان".
مجلس الأمن
من جهتها، أصدرت الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن الدولي بيانا بالإجماع دانت فيه "بشدة هذا العمل المشين والجبان الذي يظهر مجددا وحشية داعش".
وأكدت الدول أن "هذه الأعمال الهمجية التي يرتكبها داعش لن ترهبها بل ستزيد تصميمها" على التصدي للتنظيم المتشدد وسائر الحركات المتطرفة.
وأشاد أعضاء المجلس بـ"الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة الأردنية لاحتواء التهديد الإرهابي (...) وحضوا المجتمع الدولي على التعاون في شكل وثيق مع السلطات الأردنية لدعم هذه الجهود".
أمام الحرم المكي وقال أمام الحرم المكي الشيخ عبد الرحمن السديس إن "هذه الأفعال التي تحصل باسم الإسلام هي التي ربطت الإسلام بالإرهاب في ذهن من لا يعرف الإسلام".
وقال السديس في تغريدات على تويتر رداً على الجريمة البشعة التي أقدم عليها تنظيم داعش الإرهابي "منظر يُدمِع عينَ من لا قلبَ له"!
وأكد أن "الإسلام بريء من كل هذه الأفعال الوحشية ، فالإسلام دين الرحمة والتسامح ..رحم الله معاذ وأسكنه الجنة".
كما أعربت البحرين في بيان بثته وكالة أنباء البحرين عن "استنكارها الشديد لهذه الجريمة البشعة التي تؤكد الوحشية المفرطة والهمجية التي وصل إليها هذا التنظيم الإرهابي، والخطر المتزايد لجرائمه اللاإنسانية"، معربة عن تضامنها مع الأردن وشعبه.
وأوضحت أن "هذه الممارسات البربرية تتنافى تماماً مع جميع المبادئ والقيم وتتعارض مع كل الشرائع والأديان السماوية".
وشددت وزارة خارجية قطر في بيان أمس على استنكارها لهذه الجريمة البشعة، واعتبرتها عملاً إجرامياً يتعارض مع مبادئ الدين الإسلامي السمحة ومع القيم الإنسانية والقوانين والأعراف الدولية.
كما دانت إيران عملية الإعدام، وقالت مرزية افخم المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية: إن إيران تدين بشدة هذا "العمل غير إنساني وغير الإسلامي من قبل الجماعات الإرهابية التكفيرية"، معربة عن تعاطف طهران مع عائلة الطيار وشعب وحكومة الأردن.
تقوية الموقف الأردني إلى ذلك، رجح مسؤولون أمريكيون أن يقوي مقتل الطيار الأردني موقف الأردن في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والذي يوجه ضربات جوية للجماعة المتشددة في سوريا.
وقال المسؤولون الذين تحدثوا -شريطة عدم نشر اسمائهم- إن الأردن لم ينسحب من الحملة الجوية على التنظيم منذ أن احتجز التنظيم الطيار معاذ الكساسبة بعد تحطم طائرته في شمال شرق سوريا في ديسمبر. لكن الحملة تفرض مخاطر أيضا على الأردن الذي يوجد به جيوب تدعم تنظيم داعش ويحرص على عدم الجهر بدوره العسكري في بلد عربي مجاور.
وقال السناتور الجمهوري لينزي جراهام الذي كان من بين مجموعة التقت الملك "رد الأردن على القتل الوحشي لطياره سيكون قوياً ونافذاً، وسيكون رد الأردن هو تعزيز المشاركة وليس العكس."
وقال مسؤولون أمريكيون: إن مسؤولين أردنيين أشاروا مؤخراً إلى أن الأردن قد يوسع الدور الذي يقوم به في معركته ضد داعش على الرغم من أن المساعدة الجديدة التي ستقدمها عمان غير واضحة.
وقال مروان المعشر، وهو نائب سابق لرئيس الوزراء وسفير الأردن لدى واشنطن: "لا أتوقع على الإطلاق أن ينسحب الأردن من الائتلاف.
إنه سيكثف مشاركته."
وأضاف المعشر: إن الأردن لن يرسل قوات إلى سوريا لكن من المحتمل أن يكثف الضربات الجوية وتبادل معلومات المخابرات. وقال دانييل بنجامين الرئيس السابق لمكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية الامريكية: إن استخدام تنظيم داعش للوحشية المفرطة يهدف إلى اجتذاب المزيد من المجندين -حيث حقق بعض النجاح- وليس إحداث انشقاق في الائتلاف.