في منطقة الاحساء أرض العراقة والثقافة والتاريخ أرض النخيل والنفط والشعر والاحلام الوردية يتفاءل الادباء والشعراء والمثقفون بولادة حدث ثقافي وشيك سيسجل لصالح (وزارة الثقافة والاعلام) التي تتجه الانظار اليها في تطورها الحديث لتلبي تطلعات اهالي المنطقة الثقافية, وهذا الحدث المرتقب كما جاء في ملحق (الاحساء الاسبوعي) لصحيفة اليوم العدد: (10996) بتاريخ 1424/5/24هـ, هو (انشاء ناد أدبي ثقافي في الاحساء). وفي موجة التفاؤل الغامرة بصدور القرار بانشائه. فإنني اصف في طابور المتفائلين لاحيي هذا القرار ولاحيي صانعي القرار واشارك ابناء منطقة الاحساء فرحتهم وتقديرهم (لوزارة الثقافة والاعلام). رغم أنني لا استبق الحدث ولا ذكره الا بعد وقوعه, لكن روح التفاؤل التي عبر عنها محرر صحيفة (اليوم) في الملحق المذكور دفعتني الى الكتابة عنه, وارجو ان يصدر القرار قريبا حتى لا تخيب الآمال وحتى لا يتسرب الاحباط الى نفوس المتفائلين فيغمرهم اليأس والأسى ولكن لماذا ينبغي ان يكون في الاحساء ناد أدبي ثقافي؟!
وتأتي الاجابة على هذا التساؤل من مصدرين:
اولهما: مكانة الاحساء الثقافية والتاريخية وازدهار الحركة الادبية فيها منذ عشرات القرون وانشاء الحركة العلمية وبيوتات العلم والثقافة في ربوعها حتى صارت جامعة يؤمها رواد العلم والادب من مناطق الخليج العربي وما وراءها من بلدان اسلامية حيث كان هؤلاء الرواد يجدون في ربوع الاحساء ما يرغبون من علوم ومعارف دينية وعربية واجتماعية وكان لتعددية المذاهب الفقهية اثر في اقبال الطلبة على الوفود الى الاحساء ناهيك عن الشعر والشعراء ومجالس الأدب.
وثانيهما: المشهد الثقافي المعاصر بكل ألوانه الرائعة حيث مجالس الادب والثقافة التي تحمل لواء الحركة الثقافية المعتدلة والواقعية وفيها تتثاقف العقول وتطرب النفوس وتتلاقح الآراء, وحيث يتوافد آساتذة الادب وحملة الكلمة الطيبة في ملتقيات وقورة رائعة تبهج السمار وتسعد الرواد وتنثر عليهم ورود الابداع وازاهير الكلم وثمار المعرفة, المشهد الثقافي المعاصر في منطقة الاحساء ليس وليد اليوم ولكنه قديم متجدد متجذر في عمق الحضارة والثقافة منذ القدم.
ولذا فان انشاء النادي الادبي الثقافي في الاحساء يأتي ليتوج الحركة الثقافية الزاهية في المنطقة وسيكون من انجح الاندية في المملكة لما يتصف به شباب الاحساء ورجاله من المثقفين والادباء والشعراء من رغبة صادقة في المشاركة الجادة والالتزام بالعمل على توفير اسباب النجاح لهذا النادي.
وسوف تكون المجالس الثقافية روافد لهذا النادي تمده بالمبدعين والمفكرين كما تمده بالطروحات الثقافية والادبية الناضجة. وارى انه ليس هناك تعارض بين النادي وبين تلك المجالس لان هدف الكل واحد وهو التطور الادبي والثقافي والنادي اذا اريد له ان يحقق اهدافه فانني اقترح ان يضم مجلس ادارته اعضاء لهم دورهم الريادي في الحركة الثقافية على ان يضم في عضويته الفئات التالية:
* اساتذة الأدب في المؤسسات الجامعية.
* اصحاب المجالس الثقافية.
* بعض الشعراء والادباء من الشباب والفنانين وان تكون رئاسته دورية وعضويته متجددة بحيث يعين اعضاء جدد كل سنتين او ثلاث وان يحل الجدد محل العدد المماثل من الاعضاء المنتهية عضويتهم بما يعادل 50% من مجموع الاعضاء وفي هذا تجديد للدماء والفعاليات. ولكي يكون اكثر نشاطا وحيوية وانتاجا فينبغي ان يكون متجددا في رئاسته وعضويته حتى لا يتحول الى ملكية خاصة لرئيس النادي كما هو الحال في بعض الاندية الادبية المعروفة.
اما الرأي الاخير في هذه المقالة فانني اقترح دمج جمعية الثقافة والفنون في النادي الادبي الثقافي سواء المزمع انشاؤه في الاحساء او تلك الاندية الادبية في المناطق الاخرى, وهدف هذا الرأي هو ان يكون شاملا لكل جوانب الثقافة الادبية والفنية وفي تحقيق ذلك توفير للجهود والاموال وتحاشي للتكرار والازداوجية اما الرئيس للنادي فينبغي ان يكون من الجيل الجديد من اساتذة الادب العربي في الجامعات المتواجدة في الاحساء ممن لهم باع في الشعر والادب عن علم واصالة.
ويكفي عبرة ان ندرك انه اذا وجد احد رؤساء الاندية الادبية ممن ينتحل قصائد الآخرين ويسندها لنفسه وينشرها في المجلات باسمه, ان هذا النموذج من شأنه تدمير سمعة النادي الادبي والاساءة الى الحركة الادبية في البلاد.
اخيرا اتوجه الى معالي وزير الثقافة والاعلام الدكتور الفارسي بالشكر والتقدير على انشاء نادي الاحساء وأرى ان يتم تطوير نظام جديد للاندية الادبية القائمة ودمج الجمعية السعودية للثقافة والفنون في الاندية بمسمى جديد هو (الاندية الثقافية).
وتهنئة لأهالي الاحساء.