نشرت صحيفة "اليوم" في عددها (10644) تحقيقا حول "ظاهرة الطلاق" في المنطقة الشرقية وفقا لما صدر عن الإحصاءات الأخيرة للأحوال الشخصية والتي يتضح من خلالها أن المنطقة الشرقية احتل الطلاق فيها مركزا متقدما على مستوى المملكة حتى غدا "ظاهرة" تحتاج منا للوقوف والتأمل والمراجعة؟
ويجدر هنا قبل الانتقال الى مناقشة هذا الموضوع التعريج على موضوعات قبلية نؤكد فيها على (الزواج وأهمية مشروعيته، والاستعداد النفسي والبدني والمادي للزوجين، وأهمية الخبرة الشخصية للزوجين كذلك)، كما سنتعرض (لمفهوم الأسرة وخصائص الرابطة الأسرية)، ثم نختم الحديث عن "الطلاق كظاهرة" من خلال (الآثار الاجتماعية والمتغيرات والعوامل المساندة للطلاق، القيود الشرعية المحددة للطلاق، أسباب الطلاق، الآثار النفسية والاجتماعية للطلاق، هل يمكن تفادي الطلاق، الحلول والمقترحات).
قال الله تعالى في محكم التنزيل "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" (الروم: 21).
ان الاقدام على الزواج واختيار الزوجة وأظهر ما قيل فيه أمران متداخلان: الأول: الحاجة الفطرية الى الشريك الملائم الذي يمكن أن يتوافر معه في المستقبل تعاون بناء وتفاهم هادف، فالرجل يبحث عن المرأة المخلصة التي تؤمن بقيمه وتقدر جهوده وتحفزه على النشاط وتعينه على العمل، وفي المقابل المرأة تبحث عن الرجل الذي يؤمن برسالتها وينهض بواجب رعايتها ويمكنها أن تعتمد عليه وتطمئن اليه فتمنحه ثقتها في مواجهة أعباء الحياة وأعبائها.
الثاني: حاجة الإنسان الى من يحقق له التوازن بين ما هو فيه من قوى مختلفة، ففي كل من الرجل والمرأة نزوع الى تلقي العناية من الغير، ففي الزواج اشباع لهذه الناحية أيما إشباع يؤكد ما نراه من اهتمام المرأة بتدبر شئون الرجل والاشراف عليه كأنما هي مسؤولة عنه، في الوقت الذي نراها تشعر بحاجتها الى رعايته وحمايته، وهوما يفسر لنا ما نراه من ميل الرجل الى أن تكون له امرأة يحميها ويغار عليها في الوقت الذي هو مستعد لتلقي رعايتها وحمايتها.
والاستعداد النفسي للزواج أمر لابد من الوقوف عنده ذلك أن هذا الاستعداد يمثل القدرة على تكاليف الزواج نفسه والنهوض بمؤنه ومسؤولياته وتوفير وسائله المفضية الى غاياته، وهذه أمور تستلزم الى جانب القدرة المادية الخبرة الشخصية والثقافية والعلمية والاجتماعية يسبق ذلك كله الخبرة الدينية.
ولابد من الاشارة الى أمر مهم هنا وهو تقارب المستويات بين الزوجين في النواحي العقلية والاجتماعية والانفعالية على اعتبار أن التفاوت قد يؤدي الى التنافر.. وللحديث بقية.