واحة الأحساء غنية عن التعريف، فهي أشهر من أن تكون رأساً على علم من خلال وجوه كثيرة.
الوجه الأول: استقبال الأحساء لمبعوث الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم يدعو أهل الأحساء للإسلام فجاءت الاستجابه فورية وطوعية وعززت ذلك بوفد تشرف بالسلام على الرسول.
الوجه الثاني: في الجغرافيا تقع في موقع إستراتيجي تحسد عليه، فالعقير المنفذ البحري الوحيد الذي كان محط السفر والتجارة ذهاباً وإياباً إلى جميع أرجاء بلدان العالم.
الوجه الثالث: الجانب الاقتصادي، فالأحساء العامود الفقري بفروعه الآتية:
١- من أرض الأحساء ينبع أكبر حقل بترولي إنتاجا واحتياطا (الغوار) إلى جانب مصانع الغاز.
٢- القوه المالية والشرائية في مجالات التجارة والصناعة والعقارات والأسهم.
٣- الأحساء تشكل ٢٤٪ من مساحة بلادنا العزيزة و٦٧٪ من مساحة المنطقة الشرقية، وهي غابة خضراء من النخيل والأشجار والعيون والآبار، وتتميز جميع ثمارها بحلاوة الطعم ولذة المذاق، حيث كانت تغذي جميع أرجاء المعمورة بأجود وألذ وأطيب أنواع التمور كالاخلاص والشيشي إلى جانب الرز وثمار الرمان والخوخ والتين واللومي والاترنج، ولهذا الإنتاج الزراعي الوفير ولأنه يصل إلى الجياع من بعد إشادات براعة العرب في الأدب بأمثال عديدة منها الآتي:
أ- الأحساء سلة الغذاء.
ب - كناقل التمر من هجر.
ولكن ومن المؤسف وبالذات لمنتوجات الثمار يكاد التحصيل منها الآن نادرا، وبشكل عام، تأثرت الأحساء في الجانب الزراعي ومياه العيون والآبار بعوامل الجفاف الطبيعي وغيره ومن ذلك:
١- قلة الأمطار.
٢- عمل السدود في مختلف الاتجاهات.
٣- الحفر العشوائي للآبار وكثرتها.
٤- قنوات الري الاسمنتية، حيث كانت هذه القنوات قبل أن تكون إسمنتية كانت ترابية وهي ما تعرف بالثبارة، فكانت مياه العيون تجري بشكل انسيابي؛ مما يؤدي إلى أن رطوبة المياه تتمدد بأبعاد طويلة وواسعة؛ ما يجعل حقول الزراعة تتغذى بالماء بشكل مستمر، في حين أن قنوات الري الاسمنتية تحول دون ذلك الانسياب والتمدد للماء ورطوبته، والأكثر من ذلك في المفعولية والأداء لجريان الماء والسقي لكونها حارة وذات مسامات كثيرة، فبدلاً من أن يتمدد ذلك الماء وتغذي رطوبته التربة فهذه القنوات تمتص كميات كثيرة من الماء؛ مما يسبب فقدان كميات كبيرة من الماء وضعف وصوله إلى الحقول الزراعية، ومن هنا يمكن القول إن الأحساء مسكينة ولكن هذه المسكنة ليست طبيعية بل هي إرادية؛ ولكونها كذلك تبقى الأحساء شامخة وحاضرة وفعالة في الإنتاج الزراعي والتسويق وإطعام الجياع بتمورها وثمارها وخضرواتها ورزها بذات القوة والطعم واللذة.